رجل واحد، فلم نفارقه حتَّى نقتله، فأقبلت ابنته فاطمة رضي الله عنها تبكي، حتَّى دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: هؤلاء الملأ من قريش، قد تعاقدوا عليك، لو قد رأوك، لقد قاموا إليك فقتلوك، فليس منهم رجل إِلَّا قد عرف نصيبه من دمك. فقال: يا بنية! أريني وضوءًا، فتوضأ، ثمّ دخل عليهم المسجد، فلمّا رأوه، قالوا: ها هو ذا، وخفضوا أبصارهم، وسقطت أذقانهم في صدورهم، وعقروا في مجالسهم، فلم يرفعوا إليه بصرًا، ولم يقم إليه منهم رجل، فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى قام على رؤوسهم، فأخذ قبضة من التراب، فقال:"شاهت الوجوه" ثمّ حصبهم بها، فما أصاب رجلًا منهم من ذلك الحصى حصاة إِلَّا قتل يوم بدر كافرًا.
حسن: رواه أحمد (٢٦٧٢)، وابن حبَّان (٦٥٠٢)، وصحّحه الحاكم (١/ ١٦٣) كلّهم من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد الله بن عثمان بن خُثيم فإنه حسن الحديث.
ورواه أبو بكر بن عَيَاش عن عبد الله بن عثمان بهذا الإسناد واختلف عليه:
فمرة رواه عن عبد الله بن عثمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس كما رواه البيهقي في الدلائل (٦/ ٢٤٠). وقد توبع على هذا الوجه كما تقدّم.
ومرة رواه عن عبد الله بن عثمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن فاطمة كما رواه الحاكم (٣/ ١٥٧). ولم يُتابع على هذا الوجه فلعله من سوء حفظه لأنه لما كبَّر ساء حفظه. ويقال: وممن قتل يوم بدر عامر بن عبد الله بن الجراح قتله ولده أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح وفيه نزل قوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[المجادلة: ٢٢] إِلَّا أنه منكر. رواه الطبراني في الكبير (١/ ١١٧ - ١١٨) والحاكم (٣/ ٢٦٤ - ٢٦٥) كلاهما من طريق أسد بن موسى، ثنا ضمرة، عن ابن شوذب، قال: جعل أبو أبي عبيدة يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر، فجعل أبو عبيدة يُحيد عنه، فلمّا أكثر قصده أبو عبيدة فقتله، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ فيه هذه الآية.
وابن شوذب هو عبد الله بن شوذب الخراساني وثّقه ابن معين والنسائي، ولكن بينه وبين أبي عبيدة بون شاسع، فإنه مات سنة ست أو سبع وخمسين بعد المائة وهو من رجال التهذيب. ولذا قال الحافظ في الإصابة (٥/ ٥٠٩) رواه الطبراني بسند جيد عن عبد الله بن شوذب. وقال في الفتح (٧/ ٩٣): رواه الطبراني وغيره من طريق عبد الله بن شوذب مرسلًا" وقال في التلخيص (٤/ ١٠٢): "وهذا معضل وكان الواقدي ينكره ويقول: مات والد أبي عبيدة قبل الإسلام".