للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا" فلما غنم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأباحوا عسكر المشركين، أكبّ الرماة جميعًا، فدخلوا في العسكر ينهبون، وقد التقت صفوف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهم هكذا، وشبّك بين أصابع يديه - والتبسوا، فلما أخلّ الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها، دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فضرب بعضهم بعضًا، والتبسوا، وقتل من المسلمين ناس كثير، وقد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أول النهار، حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة، أو تسعة، وجال المسلمون جولة نحو الجبل، ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار، إنما كانوا تحت المهراس، وصاح الشيطان: قتل محمد، فلم يشكّ فيه أنه حق، فما زلنا كذلك ما نشك أنه قتل، حتى طلع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين السعدين نعرفه بتكفئه إذا مشى، قال: ففرحنا كأنه لم يصبنا ما أصابنا، قال: فرقي نحونا، وهو يقول: "اشتد غضب الله على قوم دمّوا وجه رسوله" قال: ويقول مرة أخرى: "اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا" حتى انتهى إلينا. فمكث ساعة فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل: اعل هبل - مرتين، يعني آلهته - أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: يا رسول الله، ألا أجيبه؟ قال: "بلى" قال: فلما قال: اعل هبل، قال عمر: الله أعلى وأجلّ، قال: فقال سفيان: يا ابن الخطاب، إنه قد أنعمت عينها، فعاد عنها، أو فعال عنها، فقال: أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا أبو بكر، وها أنا ذا عمر، قال: فقال سفيان: يوم بيوم بدر، الأيام دول، وإن الحرب سجال، قال: فقال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار، قال: إنكم لتزعمون ذلك، لقد خبنا إذًا وخسرنا، ثم قال أبو سفيان: أما إنكم سوف تجدون في قتلاكم مثلى، ولم يكن ذاك عن رأي سَراتنا، قال: ثم أدركته حمية الجاهلية، قال: فقال: أما إنه قد كان ذاك، لم يكرهه.

حسن: رواه أحمد (٢٦٠٩) والطبراني في الكبير (١٠٧٣١) والحاكم (٢/ ٢٩٦ - ٢٩٧) كلهم من طريق سليمان بن داود، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله، عن ابن عباس، فذكره. قال الحاكم: صحيح الإسناد.

قلت: إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد، فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف، أو لم يأت في حديثه ما ينكر عليه، لأنه تغير حفظه لما قدم بغداد فكان يضطرب كما قال الإمام أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>