أحدٌ من هذه الأمّة يهوديٌّ ولا نصرانيّ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلّا كان من أصحاب النّار".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٥٣) عن يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، قال: وأخبرني عمرو، أن أبا يونس حدّثه عن أبي هريرة، فذكر مثله.
وفي معناه رُوي عن أبي موسى الأشعريّ، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من سمع بي من أمّتي أو يهوديّ أو نصرانيّ، فلم يؤمن بي لم يدخل الجنة". إلا أن فيه انقطاعا، رواه الإمام أحمد (١٩٥٣٦، ١٩٥٦٢)، والبزّار - كشف الأستار (١٦)، وابن حبان في صحيحه (٤٨٨٠) كلّهم من حديث شعبة، عن أبي بشر، قال: سمعت سعيد بن جبير، عن أبي موسى الأشعريّ، مثله.
وإسناده ضعيف من أجل الانقطاع، فإن سعيد بن جبير لم يسمع من أبي موسى، لأنه ولد سنة (٤٦ هـ)، وتوفي أبو موسى نحو الخمسين.
وقال البزّار: "لا نعلم أحدًا رواه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلّا أبو موسى بهذا الإسناد، ولا أحسب سمع سعيد من أبي موسى".
قلت: وقد مضى حديث أبي هريرة، وهو في الصّحيح.
وأمّا قول الهيثمي في "المجمع" (٨/ ٢٦١): "رواه الطبرانيّ وأحمد بنحوه في الروايتين، ورجال أحمد رجال الصّحيح، والبزار أيضًا باختصار".
فهو كما قال، إلّا أنه لم يشر إلى الانقطاع، كما يفهم من قوله أن رجال الطبراني ليسوا من رجال الصّحيح.
تنبيه: تحرف الحديث في صحيح ابن حبان إلى "من سمَّع يهوديًّا أو نصرانيًا دخل النار". وبوَّب عليه بقوله: ذكر إيجاب دخول النّار لمن أسمع أهل الكتاب ما يكرهونه، وهذا فيه خطأ كبير نبَّه عليه الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" (١٠/ ٢٤ - ٢٥) فقال: بوَّب عليه: إيجاب دخول النّار لمن أسمع أهل الكتاب ما يكرهون، وهذا فيه نظر كبير وهو غلط نشأ عن تصحيف، وذلك أنّ لفظ هذا الحديث: "من سمع بي من أمّتي أو يهودي أو نصرانيّ فلم يؤمن بي دخل النّار".
هكذا ساقه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" عن عفّان، عن شعبة، ثنا أبو بشر، سمعت سعيد ابن جبير، يحدث عن أبي موسى، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، بهذا.
ورواه أحمد في "مسنده" عن محمد بن جعفر، وعن عفّان، عن شعبة، عن أبي بشر، به. فهذا هو الحديث، وكأنّ الرّواية التي وقعت لابن حبان مختصرة: "من سمع بي فلم يؤمن دخل النّار يهوديًّا أو نصرانيًّا". فتحرّف عليه وبوَّب هو على ما تحرّف، فوقع في خطأ كبير.