فيجمع بينهما بأنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة. فمن قال ألفا وخمسمائة جبر الكسر، ومن قال ألفا وأربعمائة ألغاه.
وأمّا قول عبد الله بن أبي أوفى: "ألفًا وثلاثمائة" فيمكن حمله على ما اطلع هو عليه، واطلع غيره على الزيادة، أو العدد الذي ذكره جملة من ابتداء الخروج من المدينة والزائد تلاحقوا بهم، أو العدد الذي ذكره عدد المقاتلة والزيادة أتباع من الخدم والنساء والصبيان الذين لم يبلغوا الحلم.
• عن قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: بلغني أن جابر بن عبد الله كان يقول: كانوا أربع عشرة مائة، فقال لي سعيد: حَدَّثَنِي جابر كانوا خمس عشرة مائة الذين بايعوا النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -.
صحيح: رواه البخاريّ في المغازي (٤١٥٣) عن الصلت بن محمد، حَدَّثَنَا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة قال: قلت لسعيد: فذكره.
• عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة، وكانت أسلم ثمن المهاجرين.
متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤١٥٥) ومسلم في الإمارة (٧٥: ١٨٥٧) كلاهما عن عبيد الله بن معاذ، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا شعبة، عن عمرو بن مرة، حَدَّثَنِي عبد الله بن أبي أوفى فذكره، إِلَّا أن البخاريّ لم يذكر صيغة التحديث وإنما صدره بقوله: قال عبيد الله بن معاذ، وهو محمول على التحديث كما مضى مرارًا.
• عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالًا. وساق معه الهدي سبعين بدنة، وكان الناس سبع مائة رجل. فكانت كل بدنة عن عشرة.
حسن: رواه أحمد (١٨٩١٠) عن يزيد بن هارون أخبرنا محمد بن إسحاق، عن الزّهري، عن عروة بن الزُّبير عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم، فذكراه في حديث طويل وهو مخرج في موضعه. وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق فإنه صرّح في المصادر الأخرى كما أنه توبع في بعض فقراته. إِلَّا أنه غلط في قوله: وكان الناس سبع مائة رجل. صرّح به كثير من أئمة الحديث.
وأصل الحديث في الصَّحيح وفيه أن المسور ومروان سمعا من بعض الصّحابة.
والراجح من هذا العدد قول جابر ألف وخمس مائة لأنه الحكم للأكثر، ومن قال أقل من ذلك فهو يحمل على اطلاعه وحسابه فإنه قد وقع منه الخطأ في عدّهم لتفرقهم في الأماكن المختلفة.
وذهب بعض أهل العلم إلى ترجيح من قال بألف وأربعمائة لقوة إسناده. وذهب غيرهم إلى الجمع بين هذه الأعداد، فكل اجتهد، وكل له أجر إن شاء الله تعالى.