يعومّ الصوت حتَّى اجتمع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم مائة.
وأمّا ما رُوي عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: تفرق الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين، فلم يبق معه إِلَّا رجل يقال له: زيد، وهو آخذ بعنان بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشهباء، فقال له رسول الله:"ويحك! ادع الناس"، فنادى زيد: أيها الناس! هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوكم، فلم يجئ أحد، فقال:"ادع الأنصار"، فنادى يا معشر الأنصار! رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوكم فلم يجئ أحد، قال:"ويحك! خص الأوس والخزرج"، فقال: يا معشر الأوس والخزرج! هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوكم فلم يجئ أحد، قال:"ويحك! خص المهاجرين فإن لي في أعناقهم بيعة"، قال: فحدثني بريدة: أنه أقبل منهم ألف قد طرحوا الجفون، حتَّى أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمشوا قدما حتَّى فتح الله عليهم. فرجاله ثقات ولكن في متنه نكارة وشذوذ.
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (٣٨١٤٥) والبزّار (٤٤٤٠) والروياني في مسنده (رقم ٣١) كلّهم من طريق يوسف بن صُهَيب، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة قال: فذكره. وإسناده صحيح.
قال الهيثمي: رواه البزّار ورجاله ثقات. مجمع الزوائد (٦/ ١٨١).
قلت: لكن قوله: "لم يبق معه إِلَّا رجل يقال له زيد" شاذ، وكذلك هذا الحديث مخالف لما جاء في الصَّحيح أن الصّحابة لما سمعوا صوت العباس: أنهم عطفوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عطفة البقر على أولادها.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عبد الله بن مسعود قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين قال: فولّى عنه الناس، وثبت معه ثمانون رجلًا من المهاجرين والأنصار، فنكصنا على أقدامنا نحوا من ثمانين قدمًا، ولم نولهم الدبر، وهم الذين أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ عليهم السكينة، قال: ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلته يمضي قدما، فحادت به بغلته، فمال عن السرج، فقلت له: ارتفع رفعك الله، فقال:"ناولني كفًّا من تراب" فضرب به وجوههم، فامتلأت أعينهم ترابا، ثمّ قال:"أين المهاجرون والأنصار؟ " قلت: هم أولاء، قال:"اهتف بهم" فهتفت بهم، فجاءوا وسيوفهم بأيمانهم كأنّها الشهب، وولى المشركون أدبارهم.
رواه أحمد (٤٣٣٦) والطَّبرانيّ في الكبير (١٠٣٥١) والبزّار - كشف الأستار (١٨٢٩) والحاكم (٢/ ١١٧) كلّهم من حديث عفّان بن مسلم، حَدَّثَنَا عبد الواحد بن زياد، حَدَّثَنَا الحارث بن حصيرة، حَدَّثَنَا القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال: قال عبد الله بن مسعود فذكره.
قال الحاكم:"هذا حديث صحيح الإسناد".
وتعقبه الذّهبيّ فقال: الحارث وعبد الواحد ذوا مناكير، هذا منها ثمّ فيه إرسال. أي أن عبد الرحمن بن مسعود لم يسمع من أبيه.