للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على المنصوص عليه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - هَمَّ بالكتاب حين ظهر له أنه مصلحة أو أوحي إليه بذلك، ثم ظهر أن المصلحة تركه، أو أوحي إليه بذلك، ونسخ ذلك الأمر الأول. وأما كلام عمر - رضي الله عنه - فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله، ودقيق نظره؛ لأنه خشي أن يكتب - صلى الله عليه وسلم - أمورا ربما عجزوا عنها؛ واستحقوا العقوبة عليها؛ لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها، فقال عمر: حسبنا كتاب الله؛ لقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨]، وقوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣]، فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلال على الأمة، وأراد الترفيه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقيه.

قال الخطابي: ولا يجوز أن يحمل قول عمر على أنه توهم الغلط على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو ظن به غير ذلك مما لا يليق به بحال، لكنه لما رأى ما غلب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوجع، وقرب الوفاة مع ما اعتراه من الكرب خاف أن يكون ذلك القول مما يقوله المريض مما لا عزيمة له فيه، فيجد المنافقون بذلك سبيلا إلى الكلام في الدين، وقد كان أصحابه - صلى الله عليه وسلم - يراجعونه في بعض الأمور قبل أن يجزم فيها بتحتيم، كما راجعوه يوم الحديبية في الخلاف، وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش. فأما إذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه فيه أحد منهم. اهـ.

• عن عبد الله بن مسعود قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه - وهو يوعك وعكا شديدا - وقلت: إنك لتوعك وعكا شديدا. قلت: إن ذاك بأن لك أجرين. قال: "أجل، ما من مسلم يصيبه أذى إلا حاتَّ الله عنه خطاياه كما تُحَاتُّ ورق الشجر".

متفق عليه: رواه البخاري في كتاب المرض (٥٦٤٧) ومسلم في البر والصلة (٢٥٧١) كلاهما من حديث سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سُويد، عن عبد الله بن مسعود، فذكره، واللفظ للبخاري.

وفي لفظ عندهما: "أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم".

• عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرضا اشتد منه ضجره أو وجعه، قالت: فقلت: يا رسول الله! إنك لتجزع أو تضجر، لو فعلته امرأة منا عجبت منها! قال: "أوما علمت أن المؤمن يشدد عليه ليكون كفارة لخطاياه؟ ".

صحيح: رواه ابن سعد في الطبقات (٢/ ٢٠٧) عن محمد بن عبد الله الأنصاري، أخبرنا إسرائيل بن يونس، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبي بردة، عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ويحسبها عائشة، قالت: فذكرته. وإسناده صحيح.

• عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات، ومسح عنه بيده، فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه طفقت أنفث على نفسه بالمعوذات التي

<<  <  ج: ص:  >  >>