وإسناده حسن من أجل الكلام في أسباط بن نصر.
قال الضياء المقدسي: "إسماعيل وأسباط روى لهما مسلم في صحيحه، وقد اختلفت الرواية في ثقتهما وجرحهما".
قلت: أما إسماعيل وهو السدي فهو حسن الحديث، فقد وثَّقه أحمد وغيره.
وأما أسباط فالغالب عليه الضعف، وإن كان البخاري حسن الرأي فيه. وأما ابن معين فاختلف النقل عنه، فقال مرة: ليس بشيء، وأخرى: ثقة. وقال موسى بن هارون: لم يكن به بأس.
ومسلم اعتمد على توثيقهم فأخرج له في صحيحه، وإن كان أبو زرعة أنكر عليه.
فمثله إذا انفرد ينظر فيه، فإن كانت نكارته ظاهرة فمرود.
ومصالحة أهل نجران روي أيضا من وجوه عدة مرسلة. وفي بعضها كلام، ولكن مجموعها يقويها، وبالله التوفيق.
يستفاد من الحديث بأنه يجوز الصلح على غير الدينار والدرهم، وبه قال الشافعي، وقول أحمد قريب منه. انظر للمزيد: المنة الكبرى (٨/ ٤١٤).
وأما الكتاب الذي ذكره البيهقي في الدلائل (٥/ ٣٨٥) إلى أهل نجران من طرق عن أبي العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير، عن سلمة بن عبد يسوع، عن أبيه، عن جده. قال يونس وكان نصرانيا فأسلم:
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى نجران قبل أن تنزل عليه طس سليمان (يعني: سورة النمل): بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من محمد النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أسقف نجران، وأهل نجران: إن أسلمتم فإني أحمد إليكم الله إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وأما بعد! فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب، والسلام" فلا يصح.
فيه سلمة بن عبد يسوع وأبوه وجده لا يعرفون، كما أن في متنه غرابة. وهو قوله: "قبل أن تنزل عليه "طس" أي: النمل. فإنها سورة مكية باتفاق أهل العلم، وقد نبه على ذلك الحافظ ابن القيم في زاد المعاد.
وأما ابن كثير فأورده في البداية والنهاية (٧/ ٢٦٣ - ٢٦٩) وسكت عليه.
وأشار إلى هذا الكتاب أبو نعيم في معرفة الصحابة (٥٦٣٣) في ترجمة غيلان بن عمرو، فإنه ممن شهد مع أبي سفيان بن حرب.
ويستفاد منه أنه كتب بعد الفتح.
وأما قصة صلاة وفد نجران في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد حانت صلاتهم فقاموا في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلون فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعوهم" فصلوا إلى المشرق. فهو ضعيف.