صحيح: رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٧٠٤) عن محمد بن رافع، ثنا حسين، عن زائدة، عن أبي حصين، عن سعد بن عبيدة قال: فذكره.
• عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري قال: جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة، ونحن عندها جلوس، مرجعه من العراق ليالي قتل علي، فقالت له: يا عبد الله بن شداد! هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ تحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي. قال: وما لي لا أصدقك؟ قالت: فحدثني عن قصتهم.
قال فإن عليا لما كاتب معاوية، وحكم الحكمين، خرج عليه ثمانية آلاف من قُرّاء الناس، فنزلوا بأرض يقال لها: حَروراء من جانب الكوفة، وإنهم عَتِبوا عليه فقالوا: انسلختَ من قميص ألبسكه الله تعالى، واسم سماك الله تعالى به، ثم انطلقتَ، فحكّمتَ في دين الله، فلا حكم إلا لله تعالى.
فلما أن بلغ عليًّا ما عتبوا عليه، وفارقوه عليه، فأمر مؤذنا فأذّن: أن لا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد حمل القرآن، فلما أن امتلأت الدار من قُرَّاء الناس دعا بمصحف إمام عظيم، فوضعه بين يديه، فجعل يصكه بيده ويقول: أيها المصحف حدِّث الناسَ، فناداه الناس، فقالوا: يا أمير المؤمنين! ما تسأل عنه إنما هو مداد في ورق، ونحن نتكلم بما رُوينا منه، فماذا تريد؟ قال: أصحابكم هؤلاء الذين خرجوا، بيني وبينهم كتاب الله يقول الله تعالى في كتابه في امرأة ورجل:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}[النساء: ٣٥]. فأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أعظم دمًا وحرمةً من امرأة ورجل.
ونقموا عليَّ أن كاتبت معاوية: كتب علي بن أبي طالب، وقد جاءنا سهيل بن عمرو، ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية، حين صالح قومه قريشا، فكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فقال سهيل: لا تكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال: كيف نكتب؟ فقال: اكتب باسمك اللهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فاكتبْ محمد رسول الله"، فقال لو أعلم أنك رسول الله، لم أُخالفْك، فكتب: هذا ما صالح محمد بن عبد الله قريشا. يقول الله تعالى في كتابه:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}[الأحزاب: ٢١].
فبعث إليهم عليٌّ عبدَ الله بن عباس فخرجتُ معه، حتى إذا توسطنا عسكرهم قام ابن الكوّاء يخطب الناس فقال: يا حملة القرآن! إن هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن