الثلث، فإن فضل من مالنا بعد قضاء الدين شيء، فثلثه لولدك، قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد، وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه، ويقول: يا بني، إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله! ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: الله. قال: فوالله! ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه، فيقضيه، فقتل الزبير -رضي الله عنه-، ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين منها الغابة، وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر.
قال: إنما كان دينه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا ولكنه سلف فإني أخشى عليه الضيعة، وما ولي إمارة قط، ولا جباية خراج، ولا شيئا إلا أن يكون في غزوة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أو مع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.
قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين، فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف. قال: فلقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير، فقال: يا ابن أخي، كم على أخي من الدين؟ فكتمه، فقال: مائة ألف. فقال حكيم: والله! ما أرى أموالكم تسع لهذه. فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا. فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي.
قال: وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، ثم قام، فقال: من كان له على الزبير حق فليوافنا بالغابة، فأتاه عبد الله بن جعفر وكان له على الزبير أربعمائة ألف، فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم. قال عبد الله: لا. قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم. فقال عبد الله: لا. قال: قال: فاقطعوا لي قطعة. فقال عبد الله: لك من ها هنا إلى ها هنا. قال: فباع منها، فقضى دينه، فأوفاه، وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية، وعنده عمرو بن عثمان، والمنذر بن الزبير، وابن زمعة. فقال له معاوية: كم قومت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف. قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف. قال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمائة ألف. قال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف. وقال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف. فقال معاوية: كم بقي؟ فقال: سهم ونصف. قال أخذته بخمسين ومائة ألف. قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف.