فهو وهم منه، فإنّ هذا رجل آخر وهو من رجال "التهذيب" متأخر عنه من رجال البخاريّ.
واغترّ به الحافظ الهيثميّ في "المجمع" (١٠/ ٣٦٥ - ٣٦٦) فقال: "رواه أحمد والطبراني من رواية عمرو بن عمرو الأحمسيّ، عن المخارق بن أبي المخارق، واسم أبيه عبد اللَّه بن جابر، وقد ذكرهما ابن حبان في "الثقات".
والحافظ ابن حجر أيضًا نقل قول ابن حبان في "التعجيل" (١٠١٦) ولم يعلق عليه بشيء.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أُبي بن كعب، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وأنا على الحوض. قيل: وما الحوض يا رسول اللَّه؟ قال: والذي نفسي بيده إنّ شرابه أبيض من اللَّبن، وأحلى من العسل، وأبيض من الثّلج، وأطيب ريحًا من المسك، وآنيته أكثر عددًا من النّجوم، لا يشرب منه إنسان فيظمأ أبدًا، ولا يُصْرَف عنه إنسان فيروَى أبدًا".
رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (٧١٧) عن عقبة بن مكرم الضّبيّ، ثنا يونس بن بكير، ثنا عبد الغفار بن القاسم، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن أُبي بن كعب، فذكره.
وفيه عبد الغفار بن القاسم أبو مريم الأنصاريّ قال فيه أبو حاتم والنّسائيّ: متروك الحديث، وقال علي بن المديني: كان يضع الحديث. وقال أبو داود: وأنا أشهد أنّ أبا مريم كذّاب، لأني قد لقيته وسمعت منه، واسمه عبد الغفّار بن القاسم.
فمثله لا يستشهد بحديثه، كما أنه زاد في حديثه في آخره وهي قوله: "ولا يُصرفُ عنه إنسانٌ فيروى أبدًا. فإنّ هذه الزّيادة لم تثبت في الأحاديث الصّحيحة، وإن كان جاء في بعض الروايات الضعيفة، منها هذه:
وكذلك ما روي عن ابن مسعود مرفوعًا وفيه: "وإن حُرمه لم يُرْوَ بعده". وإسناده ضعيف. انظر تخريجه في "المقام المحمود".
وكذلك ما روي عن أنس، وفيه: "ومن لم يشربْ منه لم يُرْوَ أبدًا".
رواه البزّار، والطبرانيّ، ورواته ثقات غير المسعوديّ، قاله المنذريّ في الترغيب والترهيب (٤/ ٢٠٧). والمسعوديّ مختلط.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن جبير بن مطعم، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:
"ألستُ مولاكم؟ ألستُ خيركم؟ ". قالوا: بلى يا رسول اللَّه. قال: "فإنّي فرطٌ لكم على الحوض يوم القيامة، واللَّهُ سائلُكم عن اثنتين، عن القرآن وعن عترتي".
رواه ابن أبي عاصم في السنة من وجهين (١٤٦٥، ٧٤٠) كلاهما عن إبراهيم بن محمد بن ثابت، حدثنا عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، عن جبير بن مطعم، فذكر الحديث. واللّفظ للموضع الأوّل، وفي الموضع الثاني اختصره.
وفيه إبراهيم بن محمد بن ثابت الأنصاريّ ترجمه ابن عدي في "الكامل" (١/ ٢٦٠ - ٢٦١).