حدّثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، فذكره.
قال الترمذيّ: هذا حديث غريب، وقد روى الأشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُرسلًا، ولم يذكر فيه: عن سمرة وهو أصح".
قلت: وهو كما قال، وفيه من العلل:
الأولى: الإرسال، وهو الصحيح.
والثانية: عنعنة الحسن البصريّ وهو مدلّس، وسماعه من سمرة مختلف فيه، والرّاجح عندي أنه سمع منه مطلقًا.
والثالثة: فيه سعيد بن بشير وهو الأزدي، ضعيف عند جمهور أهل العلم.
وقد رُوي عن سمرة من وجه آخر أضعف من هذا، وهو ما رواه الطبراني في "الكبير" (٧/ ٣١٢) عن موسى بن هارون، ثنا مروان بن جعفر السمري، ثنا محمد بن إبراهيم، ثنا جعفر بن سعد، خُبيب بن سليمان، عن أبيه، عن سمرة بن جندب، أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنّ الأنبياء يتباهون أيّهم أكثر أصحابًا من أمته، فأرجو أن أكون يومئذ أكثرهم كلّهم واردة، فإنّه كل رجل منهم يومئذ قائم على حوض ملآن معه عصا يدعو من عرف من أمّته، ولكل أمّة سيما يعرفهم بها نبيُّهم".
وفيه سلسلة من الضّعفاء، جعفر بن سعد ضعيف، خبيب بن سليمان مجهول، وأبوه سليمان بن سمرة لم يوثقه غير ابن حبان فهو "مقبول" إذا توبع وإلّا فلين الحديث.
ولذا قال الحافظ ابن حجر بعد أنّ نقل قول الترمذيّ: "والمرسل أخرجه ابن أبي الدّنيا بسند صحيح عن الحسن، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ لكل نبيّ حوضًا وهو قائم على حوضه، بيده عصا يدعو من عرف من أمّته، ألا إنهم يتباهون أيّهم أكثر تبعًا، وإنّي لأرجو أنّ أكون أكثرهم تبعًا".
وأخرجه الطبرانيّ من وجه آخر عن سمرة موصولًا مرفوعًا، مثله، وفي سنده لين". انظر: "الفتح" (١١/ ٤٦٧).
وأمّا قول الهيثميّ في "المجمع" (١٠/ ٣٦٣): "رواه الطبراني وفيه مروان بن جعفر السمريّ وثقه ابن أبي حاتم، وقال الأزديّ: يتكلّمون فيه، وبقية رجاله ثقات". فهو ليس كما قال، بل فيه من هو أضعفُ من السمري، والتّعليل بهم أولى.
وفي الباب عن أبي سعيد، وابن عباس وغيرهما، وفي أسانيدهم مَنْ لا يُحمدون إلّا أنّها بمجموعها تشهد لحديث سهل بن سعد، فيكون اختصاص نبيّنا -صلى اللَّه عليه وسلم- بالكوثر الذي يَصُب على الحوض، وهو خاص بالنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يشاركه فيه غيره، وبه امتنّ اللَّه تبارك وتعالى في قوله: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر}.
وأمّا ما ذكره أبو محمد البربهاريّ في "شرح السنة" (١٩): "ولكلّ نبيّ حوض إلّا صالح النبيّ فإنّ حوضه ضرع ناقته". فهو موضوع.