ورواه الترمذي (٣٤٣٩) من طريق حماد بن زيد، عن عاصم الأحول به فذكره باللفظ الثاني. وقال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح".
وقوله:"من الحور بعد الكون" أو "من الحور بعد الكور" روي على الوجهين قال الترمذي: "معنى قوله: "الحور بعد الكون أو الكور وكلاهما له وجه إنما هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر، أو من الطاعة إلى المعصية، إنما يعني الرجوع من شيء إلى شيء من الشر" اهـ.
وقال النووي في شرح مسلم: قوله: "والحور بعد الكون" هكذا هو في معظم النسخ من صحيح مسلم "بعد الكون" بالنون بل لا يكاد يوجد في نسخ بلادنا إلا بالنون. وكذا ضبطه الحفاظ المتقنون في صحيح مسلم، قال القاضي: وهكذا رواه الفارسي وغيره من رواة صحيح مسلم قال: ورواه العذري "بعد الكور" بالراء. قال: والمعروف في رواية عاصم الذي رواه مسلم عنه بالنون. قال القاضي: قال إبراهيم الحربي: يقال: إن عاصما وهم فيه وإن صوابه "الكور" بالراء.
قلت يعني النووي: وليس كما قال الحربي، بل كلاهما روايتان، وممن ذكر الروايتين جميعا الترمذي في جامعه، وخلائق من المحدثين. وذكرهما أبو عبيد، وخلائق من أهل اللغة، وغريب الحديث ... ثم نقل كلام الترمذي وقال:
وكذا قال غيره من العلماء، معناه بالراء والنون جميعا: الرجوع من الاستقامة أو الزيادة إلى النقص قالوا: ورواية الراء مأخوذة من تكوير العمامة وهو لفها وجمعها، ورواية النون مأخوذة من الكون مصدر كان يكون كونا إذا وجد واستقر، قال المازري في رواية الراء: قيل أيضا: إن معناه. أعوذ بك من الرجوع عن الجماعة بعد أن كنا فيها يقال كار عمامته إذا لفها وحارها إذا نقضها وقيل: نعوذ بك من أن تفسد أمورنا بعد صلاحها كفساد العمامة بعد استقامتها على الرأس وعلى رواية النون قال أبو عبيد: سئل عاصم عن معناه فقال: ألم تسمع قولهم حار بعد ما كان؟ أي: أنه كان على حالة جميلة فرجع عنها. والله أعلم.
وقوله: "فإذا رجع قال مثلها" أي إذا أراد العودة من السفر إلى البيت قال مثل ذلك.
• عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر فركب راحلته قال بأصبعه - ومد شعبة (أحد رواة الحديث) بإصبعه - قال: "اللهم! أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم! اصحبنا بنصحك واقلبنا بذمة، اللهم! ازو لنا الأرض، وهون علينا السفر، اللهم! إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب".
حسن: رواه الترمذي (٣٤٣٨)، والنسائي (٥٥٠١)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (٤٩٩) كلهم من طريق شعبة، عن عبد الله بن بشر الخثعمي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة فذكره.
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من حديث أبي هريرة".
قلت: وهو كما قال فإن عبد الله بن بشر الخثعمي حسن الحديث.