وقال الترمذيّ: "حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه".
• عن أمّ حبيبة، عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أُريت ما تلقى أمّتي بعدي، وسفك بعضهم دماء بعضٍ، وسبق ذلك من اللَّه، كما سبق على الأمم قبلهم، فسألته أن يولّيني شفاعةً يوم القيامة فيهم، ففعل".
صحيح: رواه ابن خزيمة في التوحيد (٥٣٣)، وابن أبي عاصم في السنة (٨٠١)، والحاكم (١/ ٦٨) كلّهم من طريق أبي اليمان، قال: حدّثنا شعيب -وهو ابن أبي حمزة-، عن الزهريّ، عن أنس، عن أمِّ حبيبة، فذكرته.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشّيخين ولم يخرجاه، والعلّة عندهما فيه أنّ أبا اليمان حدّث به مرّتين، فقال مرّة عن شعيب، عن الزّهريّ، عن أنس. وقال مرّة: عن شعيب، عن ابن أبي حسين، عن أنس. وقد قدّمنا القول في مثل هذا أنه لا ينكر أن يكون الحديث عند إمام من الأئمّة عن شيخين. فمرّة يحدِّثُ به عن هذا، ومرّة عن ذاك.
وقد حدّثني أبو الحسن علي بن محمد بن عمر، ثنا يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا إبراهيم بن هانئ النّيسابوريّ، قال: قال لنا أبو اليمان: الحديثُ حديثُ الزّهريّ، والذي حدّثكم عن ابن أبي حسين غلطتُ فيه بورقة قلبتُها. قال الحاكم: هذا كالأخذ باليد؛ فإنّ إبراهيم بن هانئ ثقة مأمون" انتهى.
قلت: قول الحاكم: أن يكون الحديث عند إمام من الأئمّة عن شيخين. . . إلخ كلام سديد، ولكن يشترط له استواء الطّريقين في الصّحة، وأما إذا عُلِّلت إحدى الطّريقين فلا وجه لصحة الطّريقين كما هنا. فإنّ الحاكم نفسه نقل عن إبراهيم بن هانئ النّيسابوريّ أنه قال له أبو اليمان. . . إلخ ما ذكر.
فتبيّن من هذا أنّ هذا الحديث من حديث الزّهريّ، ومن قال خلاف ذلك فلا وجه له.
وقد روى جعفر بن محمد بن أبان الحرّاني أنّه سأل يحيى بن معين عن هذا الحديث فقال يحيى: أنا سألت أبا اليمان فقال: الحديث حديث الزّهريّ، فمن كتبه عنّي من حديث الزّهريّ فقد أصاب، ومن كتبه عنّي من حديث ابن أبي حسين فقد أخطأ، إنّما كتبُه في آخر حديث ابن أبي حسين، فغلطتُ فحدّثتُ به من حديث ابن أبي حسين، وهو صحيح من حديث الزّهريّ. هكذا قال يحيى.
وقد رُوي هذا الحديث عن أم سلمة، وفيه موسى بن عبيدة ضعيف. انظر: "السنة" لابن أبي عاصم (٨٠١).
• عن ابن عمر، قال: ما زلنا نُمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا من في نبيِّنا -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنّ اللَّه تبارك وتعالى لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء". قال: "فإنّي أخّرتُ شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي يوم القيامة".