ضعفه يكتب حديثه وتكلّم فيه أحمد وابن معين وأبو حاتم وغيرهم، والسّبب في تضعيفه أنه لما كبر ساء حفظه وتغيّر، وكان يلقّن، ما لُقِّن وقعتِ المناكير فيه، وكان صدوقًا، قاله ابن حبان.
قلت: الظّاهر أنه أصاب في هذا الحديث، ولم يخطئ لوجود متابع له، وكثرة شواهده الصّحيحة.
وأما المتابع فهو ما رواه البزار -كشف الأستار- كما سبق من طريق ابن أبي يعلى، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، فذكره.
وابن أبي ليلى سيء الحفظ إلّا أنه توبع أيضًا في الإسناد الأوّل.
وأورده الهيثميّ في "المجمع" (٨/ ٢٥٨) وقال: "رواه أحمد والبزّار والطّبرانيّ بنحوه إلّا أنه قال: "حتى إنّ العدو ليخافني من مسيرة شهر أو شهرين. وقيل لي: سلْ تُعْطَه، فادّخرتُ دعوتي شفاعة لأمّتي". ورجال أحمد رجال الصّحيح غير يزيد بن أبي زياد، وهو حسن الحديث".
وفي الباب أيضًا عن أبي موسى مرفوعًا: "أُعطيتُ خمسًا بعثتُ إلى الأحمر والأسود، وجعلتْ لي الأرض طهورًا ومسجدًا، وأحلتْ لي الغنائم، ولم تحل لمن كان قبلي، ونصرتُ بالرّعب شهرًا، وأعطيتُ الشّفاعة، وليس من نبيّ إلّا وقد سأل الشّفاعة، وإنّي اختباتُ شفاعتي، ثم جعلتها لمن مات من أمّتي لم يشرك باللَّه شيئًا".
رواه الإمام أحمد (١٩٧٣٥) عن حسين بن محمد، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعريّ.
وأبو إسحاق مدلّس ومختلط، وإسرائيل سمع منه بعد الاختلاط كما قال الإمام أحمد، ولذا اضطرب في رفعه ووقفه، فقد رواه الإمام أحمد (١٩٧٣٦) من وجه آخر عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، مرسلًا، ولم يذكر أبا موسى فلعلّه عائد إلى اختلاطه فلم يتميّز من الرّفع والإرسال، أيهما أرجح، مع أنّ القاعدة أنّ زيادة الثقة مقبولة، ولكن هنا أبو إسحاق وإن كان ثقة إلّا أنه اختلط في آخر حياته.
وكذلك في الباب أيضًا عن عوف بن مالك مرفوعًا: "أُعطيتُ أرْبعًا لم يُعطهنّ أحدٌ كان قبلنا، وسألتُ ربّي الخامسة فأعطانيها، كان النّبيُّ يبعث إلى قريته ولا يعدوها، وبُعثت كافة إلى النّاس، وأرهب منا عدوُّنا مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض طهورًا ومساجد، وأحل لنا الخمسُ ولم يحل لأحد كان قبلنا، وسألتُ ربّي الخامسة، فسألته أن لا يلقاه عبد من أمّتي يوحِّده إلّا أدخله الجنّة فأعطانيها".
رواه ابن حبان في "صحيحه" (٦٣٩٩) عن أبي يعلى، حدّثنا هارون بن عبد اللَّه الحمّال، حدّثنا ابن أبي فديك، عن عبيد اللَّه بن عبد الرّحمن بن موهب، عن عباس بن عبد الرحمن بن ميناء الأشجعيّ، عن عوف بن مالك، فذكره.
وعباس بن عبد الرحمن بن ميناء الأشجعيّ لم يوثقه أحدٌ وإنّما ذكره ابن حبان في كتابه