للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حسن: رواه أحمد (١٥٥٥٩) عن يونس بن محمد، قال: حَدَّثَنِي يحيى بن عبد الرحمن العصري، حَدَّثَنَا شهاب بن عباد قال: فذكره.

والحديث فيه قصة وهي: قال الراوي: قدّمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاشتد فرحهم بنا، فلما انتهينا إلى القوم أوسعوا لنا، فقعدنا فرحب بنا النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، ودعا لنا، ثمّ نظر إلينا فقال: "من سيّدُكم وزعيمُكم؟ " فأشرنا بأجمعنا إلى المنذر بن عائذ، فقال النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "أهذا الأشج" وكان أول يوم وضع عليه هذا الاسم بضربة لوجهه بحافر حمار، قلنا: نعم يا رسول الله، فتخلف بعض القوم، فعقل رواحلهم، وضم متاعهم، ثمّ أخرج عيبته فألقى عنه ثياب السفر، ولبس من صالح ثيابه، ثمّ أقبل إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد بسط النبي - صلى الله عليه وسلم - رِجْله، واتكأ، فلمّا دنا منه الأشجّ أوسع القومُ له، وقالوا: هاهنا يا أشج، فقال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - واستوى قاعدًا، وقبض رجله: "هاهنا يا أشج" فقعد عن يمين النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فرحب به، وألطفه، وسأله عن بلاده وسمى له قريةً قريةً: الصفا، والمُشَقَّر وغير ذلك من قرى هَجَر، فقال: بأبي وأمي يا رسول الله، لأنت أعلم بأسماء قُرانا منا، فقال: "إنَّي قد وطئت بلادكم، وفسح لي فيها"، قال: ثمّ أقبل على الأنصار فقال: "يا معشر الأنصار، أكرموا إخوانكم، فإنهم أشباهكم في الإسلام أشبه شيء بكم أشعارا وأبشارا، أسلموا طائعين غير مكرهين، ولا مَوْتورين إذ أبى قوم أن يسلموا حتّى قُتِلوا".

قال: فلمّا أن أصبحوا قال: "كيف رأيتم كرامة إخوانكم لكم، وضيافتهم إياكم؟ " قالوا: خير إخوان، ألانوا فراشنا، وأطابوا مطعمنا، وباتوا، وأصبحوا يعلِّمونا كتاب ربنا تبارك وتعالى، وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، فأعجبت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وفرح بها، ثمّ أقبل علينا رجلًا رجلًا يعرضُنا على ما تعلَّمْنا، وعَلِمْنا، فمنا من علم التحيات وأم الكتاب، والسورة والسورتين، والسنن، ثمّ أقبل علينا بوجهه، فقال: "هل معكم من أزوادكم شيء؟ " ففرح القوم بذلك وابتدروا رحالهم، فأقبل كل رجل منهم معه صُبْرة من تمر فوضعوها على نِطَع بين يديه، فأومأ بجريدةٍ في يده كان يختصر بها فوق الذراع، ودون الذراعين، فقال: "أتسمون هذا التعضوض؟ " قلنا: نعم، ثمّ أومأ إلى صُبْرة أخرى، فقال: "أتسمون هذا الصرفان؟ " قلنا: نعم، ثمّ أومأ إلى صُبْرة، فقال: "أتسمون هذا البرني؟ " قلنا: نعم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنه خير تمركم، وأنفعه لكم" قال: فرجعنا من وفادتنا تلك، فأكثرنا الغرز منه، وعظمت رغبتنا فيه حتّى صار عُظْم نخلِنا وتمرِنا البرني.

فمال: الأشجّ: يا رسول الله، إن أرضنا أرضٌ ثقيلةٌ وَخِمةٌ، وإنا إذا لم نشرب هذه الأشربة هِيجت ألوانُنا، وعظمت بطونُنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تشربوا في الدباء، والحنتم، والنقير، وليشربْ أحدُكم في سقاء يُلاث على فيه" فقال له الأشج: بأبي، وأمي يا رسول الله، رَخِّصْ لنا في مثل هذه، وأومأ بكفيه، فقال: "يا أشج، إني إن رخَّصْتُ لك في مثل هذه" -وقال بكفيه هكذا -شربته في مثل هذه، -وفرج يديه وبسطها، يعني أعظم منها- حتّى إذا ثَمِلَ أحدُكم من شرابه، قام إلى ابن عمه فهزر ساقه بالسيف"، وكان في الوفد رجل من بني عضل يقال له: الحارث، قد

<<  <  ج: ص:  >  >>