علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، اللَّهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والاكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا اللَّه، يا رحمن، بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تشغل به بدني؛ فإنه لا يعينني على الحق غيرك، ولا يؤتيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم، أبا الحسن تفعل ذلك ثلاث جمع أو خمسًا أو سبعا يجاب بإذن اللَّه، فوالذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمنًا قط".
قال عبد اللَّه بن عباس: فواللَّه ما لبث علي إلا خمسًا أو سبعا حتى جاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مثل ذلك المجلس فقال: يا رسول اللَّه، إني كنت فيما خلا لا أتعلم أربع آيات أو نحوهن فإذا قرأتهن على نفسي يتفلتن، فأما اليوم فأتعلم الأربعين آية ونحوها فإذا قرأتهن على نفسي فكما كتاب اللَّه نصب عيني، ولقد كنت أسمع الحديث فإذا أردته تفلت، وأنا اليوم أسمع الأحاديث فإذا حدثت بها لم أخرم منها حرفا، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند ذلك: "مؤمن ورب الكعبة أبا الحسن".
رواه الترمذيّ (٣٥٧٠) والحاكم (١/ ٣١٦ - ٣١٧) -والسياق له- وابن جرير في تفسيره (١٣/ ٣٤٨) مختصرًا كلهم من طرق عن أبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، قال: فذكره.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
وتعقبه الذهبي بقوله: "هذا حديث منكر شاذ أخاف لا يكون موضوعا، وقد حيرني واللَّه جودة إسناده. . . والوليد بن مسلم ذكر مصرحا بقوله: ثنا ابن جريج، فقد حدَّث به سليمان قطعا وهو ثبت".
قلت: الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية، واشترط بعض أهل العلم أن يصرح في جميع الطبقات، وإن كان الجمهور يكتفون بتصريحه من شيخه، فعلى رأي بعض أهل العلم لعله حذف شيخ ابن جريج، كما أن ابن جريج مدلس، ولم يصرح بالسماع من شيخيه عطاء وعكرمة. هذا من حيث الإسناد، وأما من حيث المتن ففيه نكارة واضحة. قال الذهبي في ترجمة الوليد بن مسلم من الميزان (٤/ ٢٤٧): "قلت: ومن أنكر ما أتى حديث حفظ القرآن".
وروي عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب".
رواه الترمذي (٢٩١٣) وأحمد (١٩٤٧) والحاكم (١/ ٥٥٤) كلهم من طريق جرير بن عبد الحميد، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس، فذكره.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد". فتعقبه الذهبي بقوله: "قابوس لين".
وقال ابن حبان: "قابوس كان رديء الحفظ، ينفرد عن أبيه بما لا أصل له".