من طريقين آخرين عن بقية بن الوليد، بإسناده، فذكر مثله.
وإسناده حسن من أجل الكلام في بقية إلّا أنّه حسن الحديث إذا صرَّح.
وأمّا ما رُوي عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أوّل شيء خلقه اللَّهُ عزّ وجلّ القلم، ثم خلق النّون -وهي الدّواة-، ثم قال له: أكتبْ، قال: وما أكتبُ. قال: اكتب ما يكون وما هو كائن من عمل، أو أثر، أو رزق، أو أجل. فكتب ما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة. فذلك قوله عزّ وجلّ {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [سورة القلم: ١] ثم ختم على فِيّ القلم فلم ينطق، ولا ينطق إلى يوم القيامة، ثم خلق العقل فقال: وعزّتي لأكلمنَّك فيمن أحببت، ولأنقصنّك فيمن ابغضتُ" فهو ضعيف.
رواه الفريابيّ في القدر (١٨) عن أبي مروان هشام بن خالد الأزرق الدّمشقيّ، حدّثنا الحسن بن يحيى الخشنيّ، عن أبي عبد اللَّه مولى بني أميّة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه الآجري في الشريعة (١٧٩، ٣٤٥) عن الفريابي.
ورواه ابن بطّة في الإبانة (١٣٦٤) من وجه آخر عن هشام بن خالد، بإسناده مثله.
وفيه الحسن بن يحيى الخشنيّ، قال فيه النسائيّ: ليس بثقة.
واختلف فيه قول ابن معين، فروى عنه ابن أبي مريم، قال: ثقة خراسانيّ، وروى عنه العباس الدوري فقال: شاميّ ليس بشيء، وقال ابن الجنيد عن يحيى: الحسن بن يحيى الخشنيّ، ومسلمة ابن علي الخشني ضعيفان ليسا بشيء، والحسن بن يحيى أحبُّهما إليَّ. وقال الدّارقطني: متروك.
وذكره ابن حبان في "المجروحين" فقال: "منكر الحديث جدًا، يروي عن الثقات ما لا أصل له، وعن المتقنين ما لا يتابع عليه، وكان رجلًا صالحًا يحدِّث من حفظه، كثير الوهم فيما يرويه حتى فحثتِ المناكير في أخباره، حتى يسبق إلى القلب أنّه كان المتعمِّد لها، فلذلك استحقّ التَّرك، وقد سمعت ابنَ جوصي يوثّقه".
وقال ابن عدي: وللحسن بن يحيى من الحديث جزء، أو أقل، ثناه محمد بن القزاز، عن هشام ابن خالد، عن الحسن بذلك الجزء، وما أظن أنّ له غير هؤلاء إلّا الحديث بعد الحديث، وأنكر ما رأيت له هذه الأحاديث التي أمليتها، وهو ممن تُحتمل روايته". انتهى "الكامل" (٢/ ٧٣٦ - ٧٣٧).
قلت: ولم يورد ابنُ عدي حديث أبي هريرة المذكور، وراويه هشام بن خالد عن الحسن بن يحيى كان له جزء، والحديث المذكور من هذا الجزء، وأكّد ابنُ عدي أنه ليس من مناكيره، فاللَّه تعالى أعلم من صحة هذا الحديث وعدمه، ولكن لو ذكره ذاكرٌ في الشّواهد فلا يلام عليه.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا: "سبق العلم، وجفَّ القلم، ومضى القضاء، وتمَّ القدر".
رواه البيهقيّ في القضاء والقدر (١/ ١٩٤) من طريق حسان بن حسان، حدّثنا إسماعيل بن