إنّما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمتُ عليكم ألّا تنازعوا فيه". فهو ضعيف.
رواه التّرمذيّ (٢١٣٣) عن عبد اللَّه بن معاوية الجمحيّ البصريّ، حدّثنا صالح المرّي، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، فذكر مثله.
قال الترمذيّ: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه من حديث صالح المريّ، وصالح المريّ له غرائب ينفرد بها، لا يتابع عليها".
قلت: وهو كما قال، فإنّ صالحًا المريّ هو ابن بشير بن وادع أبو بشر البصريّ القاضي الزّاهد، قال ابن معين: ضعيف، أو قال: ليس بشيء، وقال أحمد: صاحب قصص يقص على النّاس، ليس هو صاحب حديث ولا إسناد، ولا يعرف الحديث. وقال البخاريّ: منكر الحديث، وقال النسائيّ: متروك.
وقال ابن عدي في "الكامل": "صالح لا يقبل في هشام بن حسان؛ لأنّه يروي عنه بأحاديث بواطيل".
وأدخله ابن حبان في المجروحين (٤٨٨)، وأخرج الحديث المذكور من طريقه. وقال: "كان من عُبّاد أهل البصرة وقرّائهم، وهو الذي يقال له: "صالح القاصّ، وكان من أحزن أهل البصرة صوتًا، وأرقهم قراءة، غلب عليه الخير والصلاح حتى غفل عن الإتقان في الحفظ، فكان يروي الشيء الذي سمعه من ثابت والحسن وهؤلاء على التوهم، فيجعله عن أنس، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فظهر في روايته الموضوعات التي يرويها عن الأثبات، واستحقّ التّرك عند الاحتجاج، وإن كان في الدّين مائلًا عن طريق الاعوجاج، وكان يحيى بن معين شديد الحمل عليه". انتهى.
قلت: فمثله لا يكون شاهدًا الحديث عمرو بن شعيب.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أبي ذر قال: "خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على أصحابه وهم يتذاكرون شيئًا من القدر، فخرج مُغضبًا كأنّما فُقئ في وجهه حبّ الرمان، فقال: "أبهذا أُمرْتم؟ ، أو ما نُهيتُم عن هذا؟ ، إنّما هلكت الأمم قبلكم في هذا، إذا ذُكر القدر فأمْسكوا، وإذا ذُكر أصحابي فأمْسكوا، وإذا ذكرت النّجوم فأمْسكوا".
رواه ابن بطّة في الإبانة (١٢٧٥) عن أبي عبيد المحامليّ، قال: حدّثنا أبو غسان مالك بن خالد ابن أسد الواسطيّ، حدّثنا عثمان بن سعيد الخياط الواسطيّ، قال: حدّثنا الحكيم بن سنان، عن داود بن أبي هند، عن الحسن، عن أبي ذر، فذكره.
والحسن هو البصريّ مدلّس وقد عنعن. وفيه رجال لا أعرفهم.
وقد رُوي مثل هذا من حديث ابن مسعود، وثوبان، وابن عمر، وطاوس مرسلًا، وكلّها ضعيفة الأسانيد، قال ابن رجب: "رُوي من وجوه في أسانيدها كلّها مقال".
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عائشة قالت: سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من تكلَّم في شيء من القدر سُئل عنه يوم القيامة، ومن لم يتكلّم فيه لم يُسأل عنه".