• عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء، وسأله رجل: أكنتم فررتم يا أبا عمارة يوم حنين؟ قال: لا، واللَّه ما ولى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرا ليس بسلاح، فأتوا قوما رماة، جمع هوازن وبني نصر، ما يكاد يسقط لهم سهم، فرشقوهم رشقا ما يكادون يخطئون، فأقبلوا هنالك إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو على بغلته البيضاء، وابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقود به، فنزل، واستنصر، ثم قال:
"أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب"
ثم صفَّ أصحابه.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٢٩٣٠)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٧٦) كلاهما من طريق أبي إسحاق قال: فذكره، واللفظ للبخاري.
وحنين: هو وادٍ بين مكة والطائف.
• عن عباس بن عبد المطلب قال:"شهدت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم حنين، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم نفارقه، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على بغلة له بيضاء، أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي، فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين، فطفق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يركض بغلته قبل الكفار، قال عباس: وأنا آخذ بلجام بغلة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أكُفّها إرادة أن لا تُسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أي عباس! ناد أصحاب السمرة" فقال عباس -وكان رجلا صيتا-، فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة؟ قال: فواللَّه، لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي، عطفة البقر على أولادها. فقالوا: يا لبيك! يا لبيك! قال: فاقتتلوا والكفار، والدعوة في الأنصار، يقولون: يا معشر الأنصار! يا معشر الأنصار! قال: ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج، فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج! يا بني الحارث بن الخزرج! فنظر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو على بغلته، كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذا حين حمي الوطيس" قال: ثم أخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حصيات، فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: "انهزموا ورب محمد". قال: فذهبت أنظر، فإذا القتال على هيئته فيما أرى، قال: فواللَّه، ما هو إلا أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا.
صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير (١٧٥٥) عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح،