ستنقطع، حتى أن الرجل لينحر بعيره، فيعصر فرثه، فيشربه، ويجعل ما بقي على كبده، فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله! قد عودك الله في الدعاء خيرًا، فادع لنا، فقال:"أتحب ذلك؟ " قال: نعم، فرفع يديه - صلى الله عليه وسلم -، فلم يرجعهما، حتى أظلت سحابة، فسكبت، فملؤوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر، فلم نجدها جاوزت العسكر.
صحيح: رواه ابن حبان (١٣٨٣)، والبزار - كشف الأستار (١٨٤١)، والحاكم (١/ ١٥٩)، والبيهقي في الدلائل (٥/ ٢٣١) كلهم من حديث ابن وهب، قال: أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعد بن أبي هلال، عن عتبة بن أبي عتبة، عن نافع بن جبير، عن عبد الله بن عباس فذكره.
وإسناده صحيح.
وقال الحاكم:"صحيح على شرط الشيخين".
تنبيه: سقط من إسناد ابن حبان "عتبة بن أبي عتبة".
وقوله:{ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} كرر ذكر التوبة بعد أن ذكر في أول الآية: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} فذكر التوبة في أول الآية للنبي - صلى الله عليه وسلم - لجميع أصحابه الذين خرجوا في غزوة العسرة، وذكر التوبة الثانية للذين أرادوا التخلف والانصراف لشدة الساعة ثم مضوا ولم يتخلفوا.
وقوله:{إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ختم الله بهذه البشرى للجميع الذين خرجوا في غزوة العسرة بأنه سبحانه وتعالى قبل توبتهم، ومن تاب الله عليه لم يعذبه أبدا.
وقوله:{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} هم كعب بن مالك، ومرارة بن ربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي، وتفصيل قصتهم في الحديث الآتي:
• عن كعب بن مالك قال: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ. وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإسْلَامِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا، كَانَ مِنْ خَبَرِي أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ، غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا وَعَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ، وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَثِيرٌ، وَلَا