حسن: رواه أبو داود (١٧٦٧) عن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، وقال (أي ابن جريج): وأخبرني عبد الرحمن بن سابط، فذكره.
وابن جريج وأبو الزبير مدلسان، ولو وقفنا على تصريح ابن جريج لقلنا إنه على شرط مسلم.
وقول ابن جريج: "وأخبرني عبد الرحمن بن سابط" مرسل صحيح؛ لأن ابن سابط من ثقات التابعين، وهو يقوي المسند.
وقوله: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} أي: سقطت على الأرض، وهو كناية عن مفارقة الروح، فإنه لا يجوز الأكل من البدنة إذا نحرت حتى تموت وتبرد حركتها، وأما إذا كانت الحياة فيها موجودة، فلا يجوز قطع شيء منها ولا أكلها، لما جاء في الحديث:
• عن أبي واقد الليثي قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وهم يجبون أسنمة الإبل، ويقطعون أليات الغنم، قال: "ما قُطِع من البهيمة وهي حية، فهو ميتة".
حسن: رواه أبو داود (٢٨٥٨)، والترمذي (١٤٨٠) واللفظ له، وأحمد (٢١٩٠٣)، وابن الجارود (٨٧٦)، والحاكم (٤/ ٢٣٩) كلهم من طرق عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي واقد الليثي، فذكره.
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث زيد بن أسلم" اهـ. والكلام عليه مبسوط في كتاب الأطعمة.
وقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}.
وقوله: {الْقَانِعَ} من قَنَعَ - بفتح النون - يَقْنَع قُنُوعا إذا سأل بتذلّل.
ويقال: قَنِعَ يَقْنَعُ قَنَاعة وقُنْعانا إذا رَضِيَ، وأنشد البعض:
العبد حر إنْ قنِعَ ... والحر عبد إنْ قَنَعَ
فاقْنَعْ ولا تَقْنَعْ فما ... شيء يشِينُ سوى الطمعِ
والتفسير الأول أحسن لأنه عُطِفَ عليه {وَالْمُعْتَرَّ} وهو اسم فاعل من اعتر - إذا تعرض للعطاء دون السؤال، بل بالتعريض وهو يحضر موضع العطاء إلا أنه لا يسأل بلسانه وسبق في الآية رقم (٢٨)) {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}.
والأمر في قوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}. للوجوب، وهو الظاهر من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما ضحّى في منى مائة بدنة أكل منها وأمر أصحابه أن يأكلوا. وبه قال الشافعي.
وذهب جمهور أهل العلم إلى أنه مستحب ولكنهم كرهوا أن يأكل كله ولا يتصدق منه شيء.
وأما تقسيم لحوم الأضاحي إلى ثلاثة أقسام: قسم يأكله المضحي وأهله، وقسم يهدي إلى أقاربه وأصدقائه، وقسم يوزع بين الفقراء والمساكين. فقد قال به بعض أهل العلم.