أخبر الله تعالى أنه ما علّم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - الشعر، وأنه لا يليق بمقام النبوة ولا يناسب له، وذلك حتَّى لا يختلط الوحي بالشعر، وكونه جرى على لسانه بعض الأشعار من غير قصد فلا يدل على كونه شاعرًا، ومن ذلك ما جاء في الصَّحيح.
• عن البراء بن عازب وسأله رجل من قيس: أفررتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين؟ فقال البراء: ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفر، وكانت هوازن يومئذ رماة، وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا، فأكببنا على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام، ولقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بلجامها وهو يقول:
أنا النَّبِيّ لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب
متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤٣١٧)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٧٦: ٨٠) كلاهما عن محمد بن بشار، حَدَّثَنَا محمد بن جعفر غندر، حَدَّثَنَا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء، وسأله رجل من قيس، فذكره.
• عن جندب بن سفيان: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في بعض المشاهد، وقد دميت إصبعه، فقال:
هل أنتِ إِلَّا إصبعٌ دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٢٨٠٢)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٩٦) كلاهما من طريق أبي عوانة، عن الأسود بن قيس، عن جندب بن سفيان، فذكره.
وكذلك أنه أنشد بعض الأشعار لغيره مع الصّحابة.
• عن البراء قال: رأيت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق وهو ينقل التراب حتَّى وارى التراب شعر صدره - وكان رجلًا كثير الشعر - وهو يرتجز برجز عبد الله بن رواحة.
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الأعداء قد بغوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا
يرفع بها صوته.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد (٣٠٣٤) - واللّفظ له -، ومسلم في الجهاد (١٢٥: ١٨٠٣) كلاهما من طريق أبي إسحاق، عن البراء، فذكره.
وأمّا الروايات التي جاء فيها إنشاد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بعض الأشعار مع عدم إقامته لأوزانها فهي كلها