للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطريق، قال له أبو جهل: يا بن أخي! والله! لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال: بلى، قال: فأناخ، وأناخا ليتحول عليها، فلمّا استووا بالأرض عدوا عليه، فأوثقاه وربطاه، ثمّ دخلا به مكة، وفتناه فافتتن.

قال: فكنا نقول: ما الله بقابل ممن افتتن صرفا ولا عدلا ولا توبة، قوم عرفوا الله، ثمّ رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم، قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم. فلمّا قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، أنزل الله تعالى فيهم، وفي قولنا وقولهم لأنفسهم: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} قال عمر بن الخطّاب: فكتبتها بيدي في صحيفة، وبعثت بها إلى هشام بن العاصي قال: فقال هشام بن العاصي: فلمّا أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى، أصعد بها فيه وأصوّب ولا أفهمها، حتَّى قلت: اللهم! فهّمنيها. قال: فألقى الله تعالى في قلبي أنها إنّما أنزلت فينا، وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا. قال: فرجعت إلى بعيري، فجلست عليه، فلحقت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بالمدينة.

حسن: رواه البزّار (١٥٥)، والحاكم (٢/ ٤٣٥)، والضياء في المختارة (١/ ٣١٧ - ٣١٩) كلّهم من طريق محمد بن إسحاق، قال: حَدَّثَنِي نافع، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطّاب، قال: فذكره.

وهو في السيرة النبوية لابن هشام (١/ ٤٧٤ - ٤٧٦).

وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، فإنه حسن الحديث إذا صرّح بالتحديث.

• عن أبي سعيد الخدري، أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدلّ على راهب، فأتاه، فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة؟ فقال: لا. فقتله، فكمّل به مائة، ثمّ سأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلّ على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم. ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك، فإنها أرض سوء، فانطلق حتَّى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قطّ، فأتاه ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين

<<  <  ج: ص:  >  >>