بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، وحتى أكلوا العظام، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: يا رسول الله! استغفر الله لمضر؛ فإنهم قد هلكوا. فقال:"لمضر؟ إنك لجريء" قال: فدعا الله لهم، فأنزل الله عز وجل:{إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} قال: فمُطِروا، فلما أصابتهم الرفاهية، قال: عادوا إلى ما كانوا عليه. قال: فأنزل الله عز وجل: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١)} {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} قال: يعني يوم بدر.
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٨٢١ و ٤٨٢٢ و ٤٨٢٣) ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار (٢٧٩٨: ٤٠) كلاهما من طريق الأعمش، عن مسلم بن صُبيح أبي الضحى، عن مسروق، قال: فذكره، واللفظ لمسلم.
ورواه البخاري في التفسير (٤٨٢٤) ومسلم كلاهما من طريق منصور، عن أبي الضحى به، وفيه: فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد! إنك جئت تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادع الله لهم، قال الله عز وجل: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} إلى قوله: {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} قال: أفيكشف عذاب الآخرة؟ ... الحديث.
• عن عبد الله بن مسعود قال: خمس قد مضين: اللزام، والروم، والبطشة، والقمر، والدخان.
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٢٨٢٥) ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار (٢٧٩٨: ٤١) كلاهما من طريق الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صُبَيح، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود، قال: فذكره. واللفظ للبخاري.
والقول الثاني: إن هذا من علامات الساعة الكبرى، ويدل على ذلك الحديث الآتي:
• عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطلع النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا ونحن نتذاكر فقال:"ما تذاكرون؟ " قالوا: نذكر الساعة، قال:"إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات" فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم".
صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٠١) من طرق عن سفيان بن عيينة، عن فرات القزار، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري فذكره.
ولا منافاة بين حديث عبد الله بن مسعود وحديث حذيفة بن أسيد، فإن الدخان المذكور في حديث ابن مسعود غير الدخان الذي جاء ذكره في حديث حذيفة.