"ولما دنت الجنود مع يهوذا من المحل الذي كان فيه يسوع، سمع يسوع دنو الجمهور الغفير، فلذلك انسحب إلى البيت خائفا، وكان الأحد عشر نياما، فلما رأى الله الخطر على عبده، أمر جبريل وميخائيل وروفائيل وأوريل سفراءه أن يأخذوا يسوع من العالم، فجاء الملائكة الأطهار، وأخذوا يسوع من النافذة المشرفة على الجنوب، فحملوه ووضعوه في السماء الثالثة في صحبة الملائكة التي تسبح الله إلى الأبد. ودخل يهوذا بعنف إلي الغرفة التي أصعد منها يسوع، وكان التلاميذ كلهم نياما، فأتى الله العجيب بأمر عجيب، فتغير يهوذا في النطق وفي الوجه، فصار شبها بيسوع، حتى إننا اعتقدنا أنه يسوع.
أما هو فبعد أن أيقظنا أخذ يفتش لينظر أين كان المعلم، لذلك تعجبنا وأجبنا: أنت يا سيد هو معلمنا، أنسيتنا الآن؟ ، أما هو فقال متبسما: هل أنتم أغبياء حتى لا تعرفوا يهوذا الإسخريوطي. وبينما كان يقول هذا، دخلت الجنود، وألقوا أيديهم على يهوذا الإسخريوطي، لأنه كان شبيها بيسوع من كل وجه". الفصل الخامس عشر بعد المائتين، والسادس عشر بعد المائتين.
وفي الأناجيل المزعومة إشارة إلى إلقاء شبه عيسى على شخص آخر، فإن الجميع قالوا: "هل هو أم لا؟ فقال لهم يسوع: كلكم تشكون في هذه الليلة".
هكذا تجلت قدرة الله، وامتدت يد العناية إلى رسول الله، فأخفاه ربه عن أعين الناظرين، ووقع يهوذا الخائن بأيديهم، فتملكته الدهشة، فلم يستطع الدفاع عن نفسه، والإعلان عن حقيقة أمره، فاستاقوه إلى ساحة القتل، بين الصخب والضجيج، والفرح والتهليل، ومكروا، ومكر الله، والله خير الماكرين، فصلبوه بعد أن جلدوه، وهم يظنون أنهم صلبوا المسيح {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ١٥٧، ١٥٨].