بينهم، فقال اللَّه له -ويداه مقبوضتان- اخْتَرْ أَيَّهُما شِئْتَ؛ قال: اخْترتُ يمين ربّي -وكلتا يدي ربي يمين مباركة- ثم بسطها فإذا فيها آدم وذريّتُه، فقال: أيْ ربّ ما هؤلاء؟ فقال: هؤلاء ذُريّتُك، فإذا كلُّ إنسان مكتوب عمره بين عينيه، فإذا فيهم رَجلٌ أضوؤهم أو من أضوئهم. قال: يا ربّ من هذا؟ قال: هذا ابنُك داودُ، قد كتب له عُمْرَ أربعين سنةً. قال: يا ربّ زدْه في عمره، قال: ذاك الذي كتبُ له. قال: أيْ ربِّ فإنّي قد جعلتُ له من عُمْري ستين سنةً. قال: أنت وذاك. قال: ثُم أُسْكن الجنّةَ ما شاء اللَّه ثم أُهْبِط منها، فكان آدمُ يَعُدُّ لنفسه. قال: فأتاه ملك الموت، فقال له آدم: قد عَجَّلْتَ، قد كُتِب لي ألْفُ سنةٍ. قال: بلى ولكنّك جعلتَ لابنِك داود ستين سنة. فجَحَدَ فجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُه، ونَسِي فَنَسِيَتْ ذُرِيَّتُه. قال: فَمِنْ يومئذٍ أُمِرَ بالكتاب والشّهود".
حسن: رواه الترمذيّ (٣٣٦٨) عن محمد بن بشّار، حدّثنا صفوان بن عيسى، حدّثنا الحارث ابن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة، فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة، وأخرجه في كتاب التوحيد (١٠٧) من هذا الوجه - وعنه ابن حبان في صحيحه (٦١٦٧).
وأخرجه الحاكم (١/ ٦٤) من وجه آخر عن صفوان بن عيسى. وقال:
"صحيح على شرط مسلم، فقد احتجّ بالحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، وقد رواه عنه غير صفوان، وإنّما خرّجته من حديث صفوان لأنّي علوتُ فيه".
وقال الترمذيّ: "حسن غريب من هذا الوجه".
قلت: إسناده حسن من أجل كلام يسير في الحارث بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن سعد بن أبي ذباب، غير أنّه حسن الحديث، وقد توبع.
فقد رواه ابنُ أبي عاصم في السنة (٢٠٤) من هذا الوجه، ومن وجه آخر (٢٠٥) ولم يسق لفظه كاملًا، ولكن فيه مبارك بن فضالة "صدوق يدلِّس ويسوِّي". كما في التقريب، وقد ضعّفه النسائيّ وغيره، إلا أنه لا بأس به في المتابعات، وساق له الحاكم إسنادًا آخر قائلًا: "وله شاهد صحيح، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن علي الفقيه الشّاشيّ في آخرين، قالوا: ثنا أبو بكر عروية، ثنا مخلد ابن مالك، ثنا أبو خالد الأحمر، عن داود بن أبي هند، عن الشّعبيّ، عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، نحوه". انتهى.
وذكر هذا الحديث الدارقطني في العلل (١٤٦٧) من طرق عن أبي هريرة وجعله محفوظًا عنه، إلا أن النسائي رجح رواية محمد بن عجلان عن سعيد، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن سلام موقوفًا