وما أنت إلا منذر، يوضح ذلك الحديث الآتي:
• عن عائشة قالت: لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن الساعة، حتى أنزل الله عز وجل: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا} يعني علمها عند الله.
صحيح: رواه البزار - كشف الأستار (٢٢٧٩) وابن جرير في تفسيره (٢٤/ ٩٩) والحاكم (٢/ ٥١٣) كلهم من حديث سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه فإن ابن عيينة كان يرسله بآخره".
قلت: الرواية المرسلة هذه رواها عبد الرزاق في تفسيره (٣/ ٣٩٠، ٣٩١) عن ابن عيينة، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، قال: "لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن الساعة حتى نزلت: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} فانتهى عن المسألة عنها".
ولكن الحكم لمن وصله. وخاصة الذين وصلوه من الثقات وهم الحميدي عبد الله بن الزبير كما عند الحاكم ويعقوب بن إبراهيم كما عند ابن جرير، إلا أن أبا زرعة رجّح المرسل كما في علل ابن أبي حاتم (١٦٩٣).
والضابط في مثل هذا إن كان الواصلون ضابطين ثقات ولو كانوا دون من أرسلهم يُحمل على أن الشيخ نفسه أسنده مرة، وأرسله أخرى، فالحكم لمن وصله، ثم وقفت على كلام الدارقطني في العلل (١٤/ ١٢٦) فقال: "ولعل ابن عيينة وصله مرة، وأرسله أخرى".
وأما كون الشيخين لم يخرجا هذا الحديث، فليس من أجل الاختلاف في الوصل والإرسال، وإنما من أجل الاختصار، فإنهما لم يلتزما بإخراج جميع ما صحَّ.
• عن طارق بن شهاب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يزال يذكر من شأن الساعة حتى نزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}.
صحيح: رواه النسائي في التفسير (١١٥٨١) وابن جرير في تفسيره (٢٤/ ١٠٠) والطبراني في الكبير (٨/ ٣٨٧) كلهم من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن طارق بن شهاب، فذكره.
وإسناده صحيح، وطارق بن شهاب من صغار الصحابة، الذين ثبتت رؤيتهم ولم تثبت روايتهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومراسيل صغار الصحابة مقبولة عند المحدثين.
ثم أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقرب قيام الساعة في الأحاديث الكثيرة، منها:
• عن سهل بن سعد قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بأصبعه هكذا، بالوسطى والتي تلي الإبهام: "بعثت والساعة كهاتين".
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٩٣٦) عن أحمد بن المقدام، حدثنا الفضيل بن سليمان، حدثنا أبو حازم، حدثنا سهل بن سعد، قال: فذكره.