للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمُّه يلكزه الشّيطان في حِضْنَيْه إلّا مريم وابنَها".

صحيح: رواه مسلم في القدر (٢٦٥٨: ٢٥) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا عبد العزيز (يعني الدّراورديّ)، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.

وقوله: "حِضْنَيْه" تثنية حِضن وهو الجنب، وقيل: الخاصرة.

وأمّا ما رُوي عن الأسود بن سريع: "أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث سريّة يوم حنين فقاتلوا المشركين، فأفضى بهم القتلُ إلى الذّريّة، فلما جاءوا قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما حملكم على قتل الذريّة"؟ قالوا: يا رسول اللَّه، إنّما كانوا أولاد المشركين. قال: "أَوَ هَلْ خياركم إلّا أولاد المشركين؟ والذي نفس محمّد بيده ما من نسمة تُولد إلّا على الفطرة، حتى يُعرب عنها لسانُها". فهو منقطع.

رواه الإمام أحمد (١٥٥٨٨)، والطبرانيّ في الكبير (٨٢٦، ٨٢٨)، وفي الأوسط (٢٠٠٥)، والبيهقيّ في القضاء والقدر (٣/ ٨٦٣) كلّهم من طرق عن الحسن، عن الأسود بن سريع، فذكره.

والحسن هو ابن أبي الحسن البصريّ الإمام المشهور، إلّا أنّه كان يدلِّس، وقد أكَّد أهلُ العلم أنه لم يسمع من الأسود بن سريع. قال علي بن المديني: "لم يسمع من الأسود بن سريع؛ لأنّ الأسود بن سريع خرج من البصرة أيام علي رضي اللَّه عنه، وكان الحسن بالمدينة". انظر: تحفة التحصيل (ص ٧١).

وقال أبو عبيد الآجريّ: سألت أبا داود: الحسن سمع من الأسود بن سريع؟ قال: "لا، قال: الأسود بن سريع لما وقعت الفتنة بالبصرة ركب البحر، فلا يدري خبره. قال أبو داود: ما أرى الحسن سمع من الأسود بن سريع. سؤالات الآجري (٧٢٧).

وأمّا ما جاء التّصريح بالتحديث من الحسن في بعض الرّوايات، منها ما ذكره البخاريّ في "التاريخ الكبير" (١/ ٤٤٥)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ١٢٣)، والبيهقيّ في "القضاء والقدر" (٣/ ٨٦٧) فهو مؤوّل على معناه حدّث أهل البصرة، كقوله: "خطبنا ابن عباس". وهو لم يدركه، فتأولوا: أي خطب أهل البصرة؛ لأنّ الحسن لم يعرف عنه التّعمد في الكذب، وقد أكّد أيضًا البيهقيّ بأنّ الحفّاظ لا يُثْبِتون سماع الحسن من الأسود بن سريع.

وكذلك ما رُوي عن جابر، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلُّ مولود يولد على الفطرة، حتى يعرب عنه لسانُه، فإذا أعربَ عنه لسانه إمّا شاكرًا وإمّا كفورًا".

رواه الإمام أحمد (١٤٨٠٥) عن هاشم، حدثّنا أبو جعفر، عن الرّبيع بن أنس، عن الحسن، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.

وأبو جعفر هو الرّازيّ المشهور بكنيته، واسمه عيسى بن أبي عيسى مختلف فيه، فوثّقه ابن معين وأبو حاتم وابن سعد، وقال أحمد: ليس بقوي، وقال النسائيّ: ليس بالقوي، وقال ابن حبان: كان ينفرد عن المشاهير بالمناكير، لا يُعجبني الاحتجاج بحديثه إلّا فيما وافق الثقات".

<<  <  ج: ص:  >  >>