وقوله:{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} استثنى من الخسران: الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وبقي حكم الخسران متحققا في غير المؤمنين على مرّ الدهور إلى يوم القيامة.
وهذه مناسبة للقسم بالعصر، أي: الدهر.
وقوله: التواصي بالحق من الأعمال الصالحة، وقد يلحقه الأذى والمشقة كما حصلت للأنبياء عليهم السلام، ومن على طريقتهم في الدعوة والتبليغ، فأمروا بالتواصي بالصبر، لأن الصبر مفتاح النجاح، ولذا أمر الله تعالى في سورة البقرة [٤٥]: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}.
رويَ عن أبي مدينة الدارمي - وكانت له صحبة - قال: كان الرجلان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْر}، ثم يسلّم أحدهما على الآخر.
قال علي بن المديني: اسم أبي مدينة عبد الله بن حصن.
رواه الطبراني في الأوسط (٥١٢٠) عن محمد بن هشام المستملي، حدثنا عبيد الله بن عائشة، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أبي مدينة الدارمي قال: فذكره.
قال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٣٠٧): "رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح غير ابن عائشة وهو ثقة".
وهو كما قال إلا ان أبا مدينة الدارمي واسمه كما قال علي بن المديني عبد الله بن حصن، هو من التابعين من يكنى بهذه الكنية واسمه واسم أبيه مثله إلا أنه ينسب إلى سدوس، ذكره البخاري، وابن أبي حاتم، وابن حبان، والله أعلم بالصواب. والأمر لا يخرج من كون هذا العمل منقولا من الصحابي أو التابعي، وليس فيه شيء مرفوعا، وهو ليس على شرط الجامع الكامل.