للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٩٧١) ومسلم في الإيمان (٢٠٨) كلاهما من طريق أبي أسامة، حدثنا الأعمش، حدثنا عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: فذكره، واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري نحوه.

قوله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)} الأول دعاء عليه، أي: خسرت وخابت. والثاني خبر عنه، وقد تبَّ أي تحققت خسارته وهلاكه.

وإسناد التب إلى اليدين لما روي أن أبا لهب كان أخذ حجرا بيده ليرمي به النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢)} المال في الغالب كان يطلق عند العرب على الإبل والغنم.

وقوله: {وَمَا كَسَبَ} أي: ما جمع من نقود من الذهب والفضة والسلاح.

وروي عن عبد الله بن عباس وغيره: يعني ولده، لأن الولد من كسب أبيه.

وروي عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما دعا قومه إلى الإيمان قال أبو لهب: إذا كان ما يقول ابن أخي حقا، فإني أفتدي نفسي يوم القيامة من العذاب بمالي وولدي، فأنزل الله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢)}.

وقوله: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣)} يصلى نارا، أي: يشوى بها، يقال: صلاه بالنار إذا شواه، أي: ذات شرر ولهيب، وإحراق شديد.

والسين للتحقيق مثل قوله تعالى: {قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} [يوسف: ٩٨].

وكانت هذه الآية نزلت في حياة أبي لهب، وقد مات كافرا، فكانت هذه الآية إعلاما بأنه لا يسلم، ولا ينجو من نار ذات لهب، وكانت من دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤)} هي زوجته، واسمها أروى بنت حرب بن أمية، وهي أخت أبي سفيان بن حرب، وكانت عونا لزوجها على كفره وجحوده وعناده، فتكون يوم القيامة عونا عليه في عذابه في نار جهنم، فتحمل الحطب فتلقي على زوجها ليزداد على ما هو فيه. وقيل: إنها كانت تضع الشوكة في طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - من بيته إلى الكعبة.

وقوله: {وَامْرَأَتُهُ} عطف على الضمير المستتر في {سَيَصْلَى} أي: وتصلى امرأته نارا.

وقوله: {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)} صفة ثانية لهذه المرأة الخبيثة، أي جُعِل في عنقها حبل تحمل فيه الحطب في جهنم لإسعار النار على زوجها.

والجيد: العنق، وغلب على عنق المرآة على محل القلادة، لبيان الحسن، وهذه المرأة وُصِفَت بهذه الصفات جزاء لعملها في الدنيا.

وهذه المرأة أيضا ماتت على الكفر والشرك، وتحقق فيها أيضا دلائل النبوة، كما تحقق في زوجها، فكلاهما ماتا على الكفر ويدخلان النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>