للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٨٤) كلّهم من طريق داود بن أبي هند، عن الشّعبيّ، عن علقمة بن قيس، عن سلمة بن يزيد، فذكره.

وأورده الهيثميّ في "المجمع" (١/ ١١٩) وقال: "رواه أحمد، ورجاله رجال الصّحيح، والطّبرانيّ في الكبير بنحوه".

قلت: وهو كما قال، إلّا أنّ في متنه نكارة، فإنّ الموؤدة -وهي البنت التي تُدفن حيّة- تكون غير بالغة بأيّ ذنب تدخل النّار؟ ! وقد قبَّح اللَّه هذا العمل الشّنيع، فقال: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩)} [سورة التكوير: ٨ - ٩]. فإذا كانت الموؤدة قتلت بدون ذنب فكيف تدخل النّار؟ ! .

وقد استدلّ ابنُ عباس بهذه الآية الكريمة بأنّ اطفال المشركين في الجنّة، فقال: "من زعم أنّهم في النّار فقد كذب، يقول اللَّه عزّ وجلّ: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩)} قال ابن عباس: هي المدفونة".

أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره.

ويشهد لذلك حديث حسناء بنت معاوية الصريمية قالت: حدّثنا عمّي، قال: قلت للنّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من في الجنّة؟ ". قال: "النبيُّ في الجنّة، والشّهيد في الجنّة، والمولودة في الجنّة، والموؤدة في الجنّة". رواه أبو داود (٢٥٢١) عن مسدّد، حدّثنا يزيد بن زُريع، حدّثنا عوف، حدّثتنا حسناء بنت معاوية بن سُليم، فذكرته.

وعرف هو الأعرابيّ ومن هذا الوجه رواه أيضًا الإمام أحمد (٢٠٥٨٣) إلّا أنّ حسناء، ويقال: خنساء مجهولة؛ لأنها لم يرو عنها سوى عوف الأعرابيّ، ولم يوثقها أحد. وعمَّها اسمه أسلم بن سُليم.

قال الحافظ في الإصابة (١/ ٣٩) في ترجمة أسلم بن سليم الصريمي هو: "عمّ خنساء بنت معاوية بن سُليم، سمّاه ابنُ منده، وقال أبو نعيم: لا يصح ذلك - يعني وإنما يروي عن خنساء، عن عمّها غير مسمّى". انتهى.

قلت: حسناء أو خنساء وإن كانت مجهولة، وقال الحافظ في التقريب: "مقبولة". وحسَّن إسنادها في الفتح (٣/ ٢٤٦) إلّا أنّ الحديث له شواهد صحيحة تذكر في مواضعها.

وكذلك لا يصح ما رُوي عن ابن مسعود مرفوعًا: "الوائدة والموؤدة في النّار". رواه أبو داود (٤٧١٧) عن إبراهيم بن موسى الرّازيّ، حدّثنا ابن أبي زائدة، حدثني أبي، عن عامر، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (فذكر الحديث).

قال يحيى بن زكريا: قال أبي: فحدّثني أبو إسحاق، أنّ عامرًا حدّثه بذلك عن علقمة، عن ابن مسعود، عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد اللَّه السّبيعيّ كان قد اختلط بآخره، وابن أبي زائدة سمع منه بعد الاختلاط، والمتن فيه نكارة، فإنّ الموؤدة لا يقطع لها بالنّار؛ لأنّه لا تكليف قبل البلوغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>