وفي الصّحيحين -البخاريّ في النكاح (٥٢٠٩)، ومسلم- كلاهما من حديث عمرو، عن عطاء، عن جابر، قال: كنا نعزل على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والقرآن ينزل. قال سفيان: لو كان شيئًا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن.
وفي رواية: كنّا نعزل على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبلغ ذلك نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يَنْهنا.
• عن أنس بن مالك، قال: جاء رجلٌ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسأل عن العزْل. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو أنّ الماء الذي يكون منه الولد أهرقته على صخرة لأخرج اللَّه منها -أو يخرج منها ولدًا - الشّك منه- وليخُلقنَّ اللَّه نفسًا هو خالقها".
حسن: رواه الإمام أحمد (١٢٤٢٠) عن أبي عاصم، أخبرنا أبو عمرو مبارك الخياط -جدّ ولد عباد بن كثير-، قال: سألت ثمامة بن عبد اللَّه بن أنس، عن العزل، فقال: سمعت أنس بن مالك يقول (فذكره).
وأخرجه البزّار (٢١٦٣)، وابن أبي عاصم في السنة (٣٦٦)، والضّياء في المختارة (١٨١٩، ١٨٢١) كلّهم من هذا الطّريق.
قال الهيثميّ في "المجمع" (٤/ ١٩٦): "رواه أحمد، والبزّار وإسنادهما حسن".
قلت: إسناده حسن من أجل أبي عمرو مبارك الخياط، وهو من رجال "التعجيل" (١٠٠٣)، وذكره ابن أبي حاتم وقال: "بصري جاور مكة" -يعني أنّه عرفه-، ولم يذكر فيه جرحا، وقد روى عنه أبو عاصم والعقدي، وذكره ابن حبان في الثقات.
• عن حذيفة بن اليمان: أنّهم كانوا يتحدّثون في العزل، فخرج عليهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "إنّكم تفعلونه؟ ". قالوا: نعم. قال: "أوَلم تعلموا أنّ اللَّه عزَّ وجلّ لم يخلق نسمة هو باريها إلّا وهي كائنة".
حسن: رواه الطّبرانيّ في الكبير (٣/ ١٨٩) من طريق المثنى بن الصبّاح، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن حذيفة، فذكره.
قال الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٢٩٧)، وفيه المثنى بن الصبّاح وهو متروك عند الجمهور، وقد وثقه ابن معين، وبقية رجاله ثقات.
قلت: وقد توبع أخرجه الفريابيّ في القدر (٤٣٤) من وجه آخر عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، بإسناده، مثله.
وابن لهيعة فيه كلام مشهور، وبهذه المتابعة يرتقي الحديث إلى درجة الحسن.
وأمّا ما روي عن جرير، قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، ما خلصت من المشركين إلا بقينة، وأنا أعزل عنها أريد بها السوق؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "جاءها ما قُدّر". فهو ضعيف.