ولو خالف الجراح بن مليح واحد من هولاء لقُدّمتْ روايته عليه، فكيف إذا اتفقوا على مخالفته؟ ولا سيما وأن الجراح ليس في درجة الثقة الضابط الذي يقبل زيادته إذا تفرد.
وفي معناه أيضا ما روي عن أبي سبرة أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما ولدك؟ قال: فلان وفلان وعبد العزى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو عبد الرحمن إن أحق أسمائكم أو من خير أسمائكم إن سميتم عبد الله، وعبد الرحمن، والحارث".
رواه أحمد (١٧٦٠٧)، والطبراني في الكبير (٢٢/ ٢٩٥) كلاهما من طريق الحجاج، عن عمير بن سعيد، عن سبرة بن أبي سبرة، عن أبيه، فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل الحجاج، هو ابن أرطاة مشهور بالتدليس وقد عنعن.
وكذلك لا يصح ما روي عن أنس، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحب الأسماء إلى الله عبد الله، وعبد الرحمن، والحارث".
رواه أبو يعلى في مسنده (٢٧٧٨) عن محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبو معاوية، حدثنا إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن أنس، قال: فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل إسماعيل بن مسلم وهو المكي وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (٨/ ٤٩).
وكذلك في معناه ما روي عن أبي وهب الجشمي، وكانت له صحبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله، وعبد الرحمن، وأصدقها حارث، وهمام، وأقبحها حرب ومرة".
رواه أبو داود (٤٩٥٠)، والنسائي (٣٥٦٧)، وأحمد (١٩٠٣٢)، كلهم من طريق هشام بن سعيد الطالقاني، أخبرنا محمد بن المهاجر الأنصاري، قال: حدثني عقيل بن شبيب، عن أبي وهب الجشمي، قال: فذكره.
والسياق لأبي داود، وهو عند أحمد والنسائي بسياق أطول.
وإسناده ضعيف من أجل عقيل بن شبيب فهو مجهول.
وثمة علة أخرى وهي الإرسال، فقد رواه أحمد (١٩٠٣٣) عن أبي المغيرة، حدثنا محمد بن المهاجر، حدثنا عقيل بن شحجيب، عن أبي وهب الكلاعي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكره.
كذا نسبه الكلاعي ولم يقل: وكانت له صحبة.
ورجّح أبو حاتم الرازي هذه الرواية وأعلّ الحديث بالإرسال لأن أبا وهب الكلاعي هو من كبار أصحاب مكحول الشامي. انظر: العلل (٢/ ٣١٢، ٣١٣).
وأما ما روي عن سمرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لما حملت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال: سميه عبد الحارث، فسمته عبد الحارث، فعاش ذلك وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره". فهو ضعيف منكر.