قال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث أبي حازم، عن سهل بن سعد، تفرّد به عنه ابنُه عبد العزيز".
قلت: عبد العزيز بن أبي حازم ثقة فقيه، وثقه ابن معين والنسائي فلا يضر تفرّده وخاصة في روايته عن أبيه. قال الإمام أحمد: "لم يكن يعرف بطلب الحديث إِلَّا كتب أبيه فإنهم يقولون: إنه سمعها، وكان يتفقّه، لم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه منه".
ولكن في الإسناد يعقوب بن حميد بن كاسب مختلف فيه، فقال ابن معين مرة: "ثقة"، وأخرى "ليس به بأس". وضعّفه أبو حاتم والنسائي وغيرهما، ولكن قال البخاريّ: لم يزل خيرًا، هو في الأصل صدوق، وقال ابن عدي: "لا بأس به وبرواياته وهو كثير الحديث كثير الغرائب".
قلت: الخلاصة فيه إن كان لحديثه أصل فهو حسن الحديث، وهذا منه.
• عن أبي هريرة، عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من دخل مسجدنا هذا ليتعلّم خيرًا، أو ليُعلمه كان كالمجاهد في سبيل اللَّه، ومن دخله لغير ذلك كان كالنَّاظر إلى ما ليس له".
حسن: رواه الإمام أحمد (٨٦٠٣، ١٠٨١٤)، وابن ماجه (٢٢٧)، وصحّحه ابن حبان (٨٧)، والحاكم (١/ ٩١) كلّهم من حديث أبي صخر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي صخر وهو حميد بن زياد مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجّا بجميع رواته، ثم لم يخرجاه، ولا أعلم له علّة". كذا قال، وحميد بن زياد لم يخرج له البخاريّ، إنّما أخرج له مسلم فقط، إِلَّا أنه حسن الحديث.
وسئل الدّارقطنيّ عن هذا الحديث فقال: "اختلف فيه على سعيد المقبريّ، فرواه أبو صخر حميد بن زياد، عن سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وخالفه عبيد اللَّه بن عمر فرواه عن سعيد المقبريّ، عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن كعب الأحبار قوله.
ورواه ابن عجلان، عن سعيد المقبريّ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن كعب الأحبار قوله، وقول عبيد اللَّه بن عمر أشبه بالصواب" اهـ.
قلت: كلام الدّارقطنيّ من حيث الإسناد أقوى، ولكن الحكم لمن زاد، فإن مثل هذا لا يقال بالرأي كما هو معروف، فلعل التابعي نفسيه رواه على الوجهين، فلا يُعلّ أحدهما الآخر.
وأمّا ما رُوي عن عدد من الصّحابة: "اطلبوا العلم ولو بالصّين، فإنّ طلب العلم فريضةٌ على كلِّ مسلم" فلا يثبت منها شيء.
قال الإمام أحمد: "لا يثبت عندنا في هذا الباب شيءٌ".