للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بيت عائشة فمن المستبعد أن تكون حفصة أيضًا موجودة في البيت، أو أنها سمعت من عائشة فرجع الحديث إلى مسند عائشة.

• عن أنس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غزا خيبر، قال: فصلينا عندها صلاة الغداة بغلَس، فركب نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمسّ فخذ نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما دخل القرية قال: "اللَّه أكبر! خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباحُ المنذرين".

متفق عليه: رواه البخاريّ في الصلاة (٣٧١) ومسلم في النكاح (١٣٦٥: ٨٤) كلاهما من طريق إسماعيل ابن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: فذكره. واللفظ للبخاري، وفي لفظ مسلم وكذا عند أحمد (١١٩٩٢): "وانحسر الإزارُ عن فخذ نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بدلا من "ثم حسر الإزار عن فخذه".

فقوله: "وانحسر الإزار" أي بدون قصد واختيار منه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وأما ما يُذكر أن الفخذ عورة من حديث ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش فكلها معلولة.

قال البخاري رحمه اللَّه تعالى: في كتاب الصلاة، باب ما يذكر في الفخذ: "ويُروى عن ابن عباس، وجرهد، ومحمد بن جحش، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الفخذ عورة" وقال أنس بن مالك: "حسر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن فخذه" قال أبو عبد اللَّه: "وحديثُ أنس أسندُ، وحديثُ جرهد أحوطُ حتى يخرج من اختلافهم" انتهى.

البخاري رحمه اللَّه يشير إلى أن أحاديث هؤلاء "الفخذ عورة" لا تصح وهو كما قال، فكل حديث من أحاديث هؤلاء فيه علل، وقد بيّن الزيلعي في نصب الراية (٤/ ٢٤١ - ٢٤٣) علل هذه الأحاديث.

وبعد دراسة هذه العلل تبين لي أنه ليس فيه شيءٌ على شرط الجامع الكامل، ولذا صرفتُ النظر عن تخريجها، وإن كان مجموعها يدل على أن له أصلا إذْ ليس فيهم متهمٌ.

ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده مرفوعا: "عورة الأمة من السرة إلى الركبة" وهو مخرج في موضعه بأن حديث أنس أن الفخذ ليس من العورة، وإنما العورة هي سوأتان فقط، وحديث عمرو بن شعيب يحمل على الاحتياط، فيكون الفخذ من العورة لأنه شامل لما بين السرة والركبة وإليه أشار البخاري بقوله: "حديث أنس أسند (يعني أن الفخذ ليس من العورة)، وحديث جرهد أحوط (يعني أن الفخذ من العورة).

ثم وقفت على كلام الحافظ ابن القيم: "وطريق الجمع بين هذه الأحاديث: ما ذكره غير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم أن العورة عورتان، مخففة ومغلظة، فالمغلظة: السوأتان، والمخففة الفخذان، ولا منافاة بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة، بين كشفهما لكونهما عورة

<<  <  ج: ص:  >  >>