المتابعة، والحديث ليس على شرط الجامع الكامل وإنْ كان لبعض فقراته شواهد صحيحة.
فقه أحاديث الباب:
أحاديث الباب تدل على استحباب الخضاب للرجال.
واختلف السلف في الخضاب بالسواد، فكره قوم لحديث جابر: "تجنبوا السواد" وكان أكثر عمل السلف على هذا، فكانوا يخضبون بالصفرة. منهم ابن عمر، وأبو هريرة، وأبو أمامة، وجرير ابن عبد اللَّه، والمغيرة بن شعبة، وعبد اللَّه بن بسر وغيرهم.
ولم يكرهه قوم فأجازوا الخضاب بالسواد منهم: عثمان، والحسن والحسين ابنا علي، وعقبة ابن عامر، وابن سيرين، وأبو بردة، والزهري، وأبو سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم.
سئل محمد بن علي عن الوسمة فقال: هو خضابنا أهل البيت.
وقال أيوب عن محمد بن سيرين: لا أعلم بخضاب السواد بأسا إلا أن يغر به رجل امرأة.
قال الزهري: أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالأصباغ، فأحلكها أحب إلينا - يعني أسودها. أخرجه عبد الرزاق (٢٠١٧٦) عن معمر، عن الزهري.
وكذلك رخص السلف في تسويد الشعر للنساء.
ذكر عبد الرزاق (٢٠١٨) عن معمر، عن قتادة قال: رُخّص في صباغ الشعر بالسواد للنساء.
وعن حماد بن سلمة، عن أم شبيب قالت: سألنا عائشة عن تسويد الشعر، قالت: لوددتُ أن عندي شيئًا سودت به شعري.
هذه الآثار ذكرها البغوي في شرح السنة (١٢/ ٩٣ - ٩٤)، والقاضي عياض، ونقلها عنه النووي في شرح مسلم.
وأما ترك الخضاب فلم ير قوم به بأسا.
قال مالك: ترك الصبغ كله واسع للناس، بل ذهب بعض المالكية إلى كراهية تغيير الشيب لأنه نور كما ورد في الأحاديث، وقد جاء النهي عن تغيير الشيب إلا أنه لم يثبت.
وممن روي عنه من السلف ترك الصبغ: أبو بكر وعمر وعلي، كما روي عنهم خلاف ذلك. قال أبو إسحاق: رأيت عليا على المنبر أبيض الرأس واللحية. أخرجه عبد الرزاق (٢٠١٨٨) عن معمر، عن أبي إسحاق.
وقال الحسن: رأيت أبي بن كعب أبيض الرأس واللحية.
وقال عدي بن عدي: رأيت جابر بن عبد اللَّه أبيض الرأس واللحية.
وكان أبو سعيد الخدري لا يخضب وكانت لحيته بيضاء.
وقال جرير بن حازم: رأيت عطاء بن أبي رباح، ورجاء بن حيوة، ومكحولا، والحكم بن عتيبة