يفتونهم بغير علم، فيَضلّون، ويُضلّون".
قال عروة: فلّما حدّثتُ عائشةَ بذلك، أعظمتْ ذلك، وأنكرته، قالت: أحدَّثَكَ أنه سمع النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول هذا؟ .
قال عروة: حتّى إذا كان قابلٌ، قالت له: إنّ ابن عمرو قد قدم فَالْقَه، ثم فاتحه حتّى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم. قال: فلقيتهُ فسألُه، فذكره لي نحو ما حدّثني به في مرّته الأولى.
قال عروة: فلمّا أخبرتُها بذلك، قالت: ما أحسَبه إلّا قد صدق، أَراه لم يَزِدْ فيه شيئًا ولم يَنْقُصْ".
متفق عليه: رواه مسلم في العلم (٢٦٧٣) عن حرملة بن يحيى التّجيبيّ، أخبرنا عبد اللَّه بن وهب، حدّثني أبو شريح، أنّ أبا الأسود حدّثه عن عروة بن الزبير، قال (فذكره).
ورواه البخاريّ في الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٣٠٧) عن سعيد بن تليد، حدّثني ابن وهب، حدّثني عبد الرحمن بن شريح وغيره بإسناده مختصرًا، وفيه: واللَّه لقد حفظ عبد اللَّه بن عمرو.
وقد رُوي هذا الحديث عن عائشة، فرواه البزّار (٢٣٣ - كشف الأستار) عن أحمد بن منصور، ثنا عبد اللَّه بن صالح، ثنا اللّيث، عن يونس، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ اللَّه تبارك وتعالى لا ينزع العلم من النّاس انتزاعًا بعد أن يؤتيهم إيّاه، ولكن يذهب بالعلماء: وكلّما ذهب عالم ذهب بما معه من العلم حتّى يبقى من لا يعلم فيضلّوا ويُضلوا".
قال عقبه البزّار: "تفرّد به يونس، ورواه معمر، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عبد اللَّه بن عمرو".
قلت: هذه إشارة من البزّار -رحمه اللَّه- إلى علّة هذا الحديث؛ فإنّ المعروف والمشهور أنّ عروة يروي هذا الحديث عن عبد اللَّه بن عمرو، وأنّه هو الذي حدّث به عائشة عن ابن عمرو، فأعظمتْ ذلك وأنكرته -كما سبق- فلو كان هذا الحديث عندها لما أنكرته، واللَّه أعلم.
• عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يتقارب الزّمان ويقبض العلم، وتظهر الفتن، ويُلقى الشُّح، ويكثر الهرج". قالوا: وما الهرْج؟ قال: "القتل".
متفق عليه: رواه البخاريّ في العلم (٨٥)، ومسلم أيضًا في العلم (١٥٧) كلاهما من طريق الزّهريّ، حدّثني حميد بن عبد الرحمن بن عوف، أنّ أبا هريرة قال (فذكره). واللّفظ لمسلم.
وفي لفظ البخاريّ: قيل: يا رسول اللَّه! وما الهَرْج؟ فقال هكذا بيده فحرَّفها، كأنّه يريد القتل.
ولذا بوَّب عليه البخاريّ: باب مَنْ أجاب الفتيا بإشارة الرّأس واليد.
وقد ورد تفسير "قبض العلم" على لسان عمر بن الخطّاب عند البزّار، فقد روى البزّار هذا الحديث (٢٣٦ - كشف الأستار) من وجه آخر عن أبي هريرة، فذكر نحوه، وفي آخره: قال عمر