ورسوله، ثم قال:"أيها الناس أنشدكم باللَّه، إن كنتم تعلمون أني قصرت عن شيء من تبليغ رسالات ربي عز وجل لما أخبرتموني ذاك فبلغت رسالات ربي كما ينبغي لها أن تبلغ، وإن كنتم تعلمون أني بلغت رسالات ربي لما أخبرتموني ذاك، قال: فقام رجال فقالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك، ونصحت لأمتك، وقضيت الذي عليك، ثم سكتوا.
ثم قال: "أما بعد فإن رجالا يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر، وزوال هذه النجوم عن مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض، وإنهم قد كذبوا، ولكنها آيات من آيات اللَّه تبارك وتعالى يعتبر بها عباده، فينظر من يحدث له منهم توبة. وايم اللَّه لقد رأيت منذ قصت أصلي ما أنتم لاقون في أمر دنياكم وآخرتكم، وإنه واللَّه لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين اليسرى كأنها عين أبي يحيى لشيخ حينئذ من الأنصار بينه وبين حجرة عائشة، وإنها متى يخرج -أو قال: متى ما يخرج- فإنه سوف يزعم أنه اللَّه فمن آمن به، وصدقه، واتبعه، لم ينفعه صالح من عمله سلف، ومن كفر به وكذبه لم يعاقب بشيء من عمله، وقال حسن الأشيب بسيئ من عمله سلف وإنه سيظهر أو قال: سوف يظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس، وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس فيزلزلون زلزالا شديدًا، ثم يهلكه اللَّه تبارك وتعالى وجنوده حتى إن جذم الحائط أو قال أصل الحائط -وقال حسن الأشيب: وأصل الشجرة- لينادي أو قال يقول: يا مؤمن أو قال: يا مسلم، هذا يهودي أو قال: هذا كافر، تعال فاقتله قال: ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورًا يتفاقم شأنها في أنفسكم وتساءلون بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرًا وحتى تزول جبال على مراتبها ثم على أثر ذلك القبض".
قال: ثم شهدت خطبة لسمرة ذكر فيها هذا الحديث فما قدم كلمة ولا أخرها عن موضعها.
رواه أحمد (٢٠١٧٨) واللفظ له، ورواه كل من أبي داود (١١٨٤)، والترمذي (٥٦٢)، والنسائي (١٤٨٤)، وابن ماجه (١٢٦٤) مطولًا ومختصرًا، وصحّحه ابن خزيمة (١٣٩٧)، وابن حبان (٢٨٥٢)، والحاكم (١/ ٣٢٩ - ٣٣١) كلهم من حديث الأسود بن قيس، قال: حدّثني ثعلبة ابن عباد العبدي، فذكره.
قال الترمذيّ: "حسن صحيح". وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
قلت: هذا من وهمه فإنه ليس على شرط أحدهما لأن ثعلبة بن عبّاد من رجال السنن فقط، ثم هو لم يوثّقه أحد، وإنما ذكره ابن حبان في ثقاته (٤/ ٩٨)، ولم يذكر من روى عنه سوى الأسود بن قيس فهو "مجهول".
وأما الحافظ فقال: "مقبول" لِذِكْرِ ابنِ حبان له في الثقات، أي إذا توبع وإلا فلين الحديث.
وفي الباب عن أبي الوداك قال: قال لي أبو سعيد: هل يقر الخوارج بالدجال فقلت: لا، فقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني خاتم ألف نبي، وأكثر ما بعث نبي يتبع إلا قد حذر أمته الدجال،