وهذه الشّفاعة يشارك فيها الملائكة والنبيون والصديقون والمؤمنون:
• عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ". . . حتى إذا خلص المؤمنون من النار، فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشدّ مناشدةً للَّه في استقصاء الحقّ من المؤمنين للَّه يوم القيامة لاخوانهم الذين في النار، يقولون: ربَّنا كانوا يصومون معنا، ويصلُّون ويحجُّون؟ فيقال: لهم أخرجُوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار. فيخرجُون خلقًا كثيرًا قد أخذت النّارُ إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه، ثم يقولون: ربَّنا ما بقي فيها أحدٌ ممن أمرْتنا به. فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه. فيخرجون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربَّنا لم نذرْ فيها أحدًا ممن أمرْتنا. ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه. فيخرجون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربّنا لم نَذرْ فيها ممن أمرتنا أحدًا. ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه فيخرجون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربَّنا لم نَذَرْ فيها أحدًا". وكان أبو سعيد يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرءوا إن شئتم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}[سورة النساء: ٤٠]. فيقول اللَّه عز وجلّ: شفعت الملائكةُ، وشفع النّبيُّون، وشفع المؤمنون، ولم يبقَ إلا أرحمُ الرّاحمين، فيقبض قبضةً من النار، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرًا قطّ، قد عادوا حُممًا، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له: نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحِبة في حميل السّيل. . . ". الحديث.
متفق عليه: رواه البخاريّ في التوحيد (٧٤٣٩)، ومسلم في الإيمان (١٨٣) من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، فذكره في حديث طويل.
• عن أبي بكرة، عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يحمل الناس على الصراط يوم القيامة، فتقادع بهم جنبتا الصراط تقادع الفراش في النار، قال: فينجي اللَّه برحمته من يشاء". قال: "ثم يؤذن للملائكة والنّبيين والشّهداء أن يشفعوا، فيشفعون ويخرجون، ويشفعون ويُخرجون، ويشفعون ويُخرجون -وزاد عفان مرة، فقال أيضًا: ويشفعون ويُخرجون- مَنْ كان في قلبه ما يزن ذرّة من إيمان".
حسن: رواه أحمد (٢٠٤٤٠)، والبزّار (٣٦٧١)، والطبرانيّ في الصغير (٩٢٩)، وابن أبي عاصم في السنة (٨٣٨) كلّهم من حديث عفّان بن مسلم، حدّثنا سعيد بن زيد، قال: سمعت أبا سليمان العصريّ، حدّثنا عقبة بن صُهبان، عن أبي بكرة، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكره.