وأبو نعيم في الحلية (٨/ ١٧٢) من طريق ابن المبارك كلاهما عن سليمان التيميّ، عن أنس، والإسنادان صحيحان. ورواه ابن حبان (٥٣) من وجه آخر عن أنس، وصحّحه.
• عن أبي تميمة عن جندب بن عبد اللَّه الأزديّ صاحب النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: انطلقتُ أنا وهو إلى البصرة، حتّى أتينا مكانًا يقال له: بيت المسكين، وهو من البصرة على مثل الثَّوِيَّة من الكوفة، فقال: هل كنت تدارس أحدًا القرآن؟ قلت: نعم، قال: فإذا أتينا البصرة، فأتني بهم، فأتيته بصالح بن مسرح، وبأبي بلال، ونَجدة، ونافع بن الأزرق، وهم في نفسي يومئذ من أفاضل أهل البصرة، فأنشأ يحدِّثني عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال جندب: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مثلُ العالم الذي يعلِّمُ النَّاسَ الخيرَ وينسى نفسه، كمثل السِّراج يُضيء للنّاس ويُحْرق نفسه". وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَحُولَنَّ بين أحدِكم وبين الجنّة وهو ينظر إلى أبوابها مِلْءُ كَفٍّ مِنْ دم مُسلمٍ أَهْراقَهُ ظُلْمًا". قال: فتكلّم القومُ، فذكروا الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، - وهو ساكت يستمع منهم، ثم قال: لم أرَ كاليوم قطّ أحقّ بالنّجاة إن كانوا صادقين".
حسن: رواه الطبرانيّ في الكبير (١٦٨١) من طريق هشام بن عمار، عن علي بن سليمان الكلبي، حدثني الأعمش، عن أبي تميمة، عن جندب بن عبد اللَّه الأزديّ، فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل علي بن سليمان الكلبي، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأسًا، صالح الحديث، ليس بالمشهور.
وقد جاء عن عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أنه قال: "يُفسد الزّمان ثلاثة: أئمّة مضلّون، وجدال منافق بالقرآن -والقرآن حقّ-، وزلّة العالم". انظر تخريجه في "المدخل" (٨٣٣).
وعن ابن عباس، قال: "ويل للأتباع من عثرات العالم، قيل: وكيف ذلك يا ابن عباس؟ قال: يقول العالم الشيء برأيه، فيلقى من هو أعلم منه برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منه فيخبره ويرجع، ويقضي الأتباع بما حكم". "المدخل" (٨٣٦).
وعن أبي الدّرداء قال: "إنّي لآمركم بالأمر، وما أفعله، ولكن لعلّ اللَّه أن يأجرني فيه". المدخل (٨٣٨).
وأنشأ ابنُ عيينة يقول:
خذ بعلمي وإن قصرتُ في عملي ... ينفعك علمي ولا يضرُّك تقصيري
وعن ابن عباس قال: "خذ الحكمة ممن سمعت، فإنّ الرّجل يتكلّم بالحكمة وليس بالحكيم، فتكون كالرمية خرجت من غير رامٍ". "المدخل" (٨٤٣).
وعن سعيد بن أبي بردة، قال: "كان يقال: الحكمة ضالّة المؤمن يأخذها حيث وجدها".