وقال الحافظ: "مقبول" أي عند المتابعة.
ورواه النسائي (٣٢٨) من طريق مطرف بن طريف، عن خالد بن أبي نوف، عن سليط، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: مررت بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يتوضأ من بئر بضاعة، فقلت: أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن؟ فقال: "الماء لا ينجسه شيء".
وفيه خالد بن أبي نوف، ذكره ابن حبان في الثقات (٦/ ٢٦٤) وقال الحافظ: "مقبول" أي عند المتابعة.
وللحديث أسانيد أخرى كلها معلولة؛ ولذا نقل ابن الجوزي عن الدارقطني أنّه قال: "إنّه ليس بثابت". وتعقَّبه النووي في الخُلاصة (١/ ٦٥) فقال: حسَّنه الترمذيّ، وفي بعض النسخ: "حسن صحيح" وقال الإمام أحمد بن حنبل: "هو صحيح" وكذا قال آخرون، وقولهم مقدَّمٌ على قول الدارقطني: "إنَّه غير ثابت". انتهى.
وكذلك صحَّحه أيضًا يحيى بن معين، وأبو محمد بن حزم كما في "التلخيص الحبير" (١/ ١٣).
وأمّا قول الدارقطني: "إنّه ليس بثابتٍ" فيقول الحافظ: "ولم نر ذلك في العلل له ولا في السنن" انتهى.
قلت: قاله الدّارقطني في حديث أبي هريرة في العلل (٨/ ١٥٧).
ثم إن صحَّ هذا الحديث المطلق فهو مقيد بحديث ابن عمر السابق، وهو أن يكون الماء قلتين فأكثر ما لم يتغيّر لونه أو طعمه أو ريحه، فهو طاهر بالإجماع كما حكاه ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (ص ٣٣).
وأمّا الأحاديث الواردة عن ثوبان، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الماء طهور إلّا ما غلب على طعمه أو ريحه". رواه الدّارقطني وغيره، فهو ضعيف.
وكذلك ما روي عن أبي أمامة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنّ الماء لا ينجسه شيء إلّا ما غلب على طعمه وريحه ولونه".
رواه ابن ماجه (٥٢١) وغيره، فهو ضعيف أيضًا.
وكذلك لا يصح ما روي عن جابر بن عبد اللَّه، رواه ابن ماجه (٥٢٠) وفيه طريف بن شهاب أجمعوا على تضعيفه.
وفي الباب ما رُوي عن سهل بن سعد السّاعديّ قال: "سقيتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيدي من بضاعة".
رواه الإمام أحمد (٢٢٨٦٠) عن حسين بن محمد، حدّثنا الفضيل -يعني ابن سليمان-، حدّثنا محمد بن أبي يحيى، عن أمّه، قالت: سمعت سهل بن سعد يقول (فذكر الحديث).
ورواه الدّارقطنيّ (٤٨) من وجه آخر عن فضيل بن سليمان النّميريّ، عن أبي حازم، عن سهل ابن سعد، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الماء لا ينجسه شيء".
وإسناده ضعيف من أجل الكلام في فضيل بن سليمان النميريّ، فقد ضعّفه ابن معين والنسائي،