له وضوءًا، فجاءت هِرّةٌ لتشرب منه، فأصغى لها الإناء حتى شربتْ، قالت كَبْشةُ: فرآني أنظر إليه، فقال: أتَعْجَبين يا ابنةَ أخي؟ قالت: فقلت: نعم، فقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنها ليستْ بنجسٍ؛ إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات".
حسن: رواه مالك في الطهارة (١٣) عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، عن حُميدة بنت أبي عبيدة، فذكرت الحديث.
وعن مالك رواه أبو داود (٧٥) والترمذي (٩٢) والنسائي (٦٨) وابن ماجه (٣٦٧).
قال الترمذيّ: "حسن صحيح".
قلت: رجاله ثقات، رجال الشيخين غير حُميدة بنت أبي عُبيدة ذكرها ابن حبان في الثقات، وتصحيح الترمذيّ للحديث دليل على توثيقه إياها، ونقل الحافظ في التلخيص تصحيحه أيضًا عن البخاري والدارقطني والعقيلي.
قال البيهقي (١/ ٢٤٥) قال أبو عيسى: سألت محمدًا يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: جوَّد مالك بن أنس هذا الحديث، وروايته أصح من رواية غيره.
قال البيهقي: وقد رواه حسين المعلم بقريب من رواية مالك، ثم رواه من طريقه ومن طريق همام بن يحيى كلاهما عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، عن أم يحيى، عن خالتها بنت كعب (وكانت عند عبد اللَّه بن أبي قتادة) فذكر الحديث. وذكر له طرقًا أخرى ثم قال: وكل ذلك شاهد لصحة رواية مالك. انتهى.
قلت: ورواه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه (١٠٤)، وابن حبان (١٢٩٩)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٦٠) من طريق مالك.
قال الحاكم: "صحيح لم يخرجاه، على أنهما على ما أصَّلاه في تركه غير أنهما قد شهدا جميعًا لمالك بن أنس أنه الحكم في حديث المدنيين، وهذا الحديث مما صحّحه مالك، واحتج به في الموطأ". انتهى.
وللحديث شاهد عن عائشة رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني والبيهقي وغيرهم إلا أنه لا يخلو طريق منها من ضعيف أو مجهول.
هذا هو الصحيح الثابت في طهارة سؤر الهِرّة.
وأما ما روي عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يُغسل الإناء إذا ولغ الكلب فيه سبع مرات، وإذا ولغت الهرُ غُسل مرة" فهو ضعيف؛ فإن ذكر ولوغ الهِرّ موقوف على أبي هريرة، فقد رواه أبو داود (٧٢) عن مسدد، عن المغيرة بن سليمان، (ح) وعن محمد بن عبيد، ثنا حماد بن زيد، جميعًا عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، ولم يرفعاه، وزاد: "وإذا ولغ الهر غسل مرة"، وذلك بعد أن رواه عن أحمد بن يونس، ثنا زائدة في حديث هشام، عن محمد بن سيرين، عنه مرفوعا في