ورواه النسائيّ (٢٥٣) على وجهين: مرة عن ابن عباس، عن ميمونة خالته كما رواه الشيخان، وأخرى رواه عن ابن عباس نفسه، وجعله من مسنده (رقم ٢٥٤)، وذكره مختصرًا ولفظه: أنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اغتسل فأُتِي بمنديلٍ فلم يمسه، وجعل يقول بالماء هكذا. انتهى.
وقوله:"جعل يقول بالماء هكذا" يعني يمسحه عن البدن.
• عن ثوبان أنَّ الناس اسْتَفْتَوا النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عن الغُسْل من الجنابة فقال:"أما الرّجل فلينشُزْ رأسَه، فليغُسِله حتَّى يبلغَ أصولَ الشَّعْرِ، وأمّا المرأةُ فلا عليها ألا تَنْقُضَه، لتُغْرِف على رأسِها ثلاثَ غَرفاتٍ بكفَّيْها".
حسن: رواه أبو داود (٢٥٥) قال: حَدَّثَنَا محمد بن عوف، قال: قرأتُ في أصل إسماعيل بن عَيَّاش، قال ابن عوف: حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل، عن أبيه (يعني إسماعيل بن عَيَّاش)، حَدَّثَنِي ضَمْضَمُ بن زُرْعة، عن شُرَيح بن عُبيد، قال: أفتاني جُبَيْرُ بن نُفَير، عن الغُسل من الجنابة أنَّ ثوبانَ حدَّثهم، أنهم اسْتَفْتَوا النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكره.
رجاله ثقات غير إسماعيل بن عَيَّاش؛ فإنه صدوق في أهل بلده الشاميين، ومُخلِّطٌ في غيرهم، وشيخه ضَمْضَم بن زُرعة من أهل حمص.
ولكن في الإسناد علة أخرى، وهي أنَّ محمد بن إسماعيل لم يسمع من أبيه شيئًا كما قال أبو حاتم، ولكن محمد بن عوف لم يكتف بروايته عن محمد بن إسماعيل، عن أبيه، بل كان قد اطلع على أصل مسموعات إسماعيل بن عَيَّاش عن شيوخه، وهذا يُقوي روايته عن محمد بن إسماعيل، عن أبيه؛ لأنَّ محمد بن إسماعيل مع عدم سماعه عن أبيه مختلف في توثيقه، ولكن حصل لمحمد بن عوف طريق مباشر بدون واسطة محمد بن إسماعيل، وهو اطلاعه على مسموعات إسماعيل بن عَيَّاش، وهذا من باب الوِجادة، وهي من طرق تحمُّل الحديثِ، وقد اعتمده أهل العلم في رواية الحديثِ.
قال الحافظ ابن القيم في تهذيب السنن:"هذا إسناد شاميّ، وأكثر أئمة الحديث يقول: حديث إسماعيل بن عَيَّاش عن الشاميين صحيح. ونص عليه أحمد بن حنبل رضي الله عنه" انتهى.
• عن عائشة وابن عمر، أنَّ عمر سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الغُسْل من الجنابة؟ - واتسقِت الأحاديث على هذا - يبدأ فيُفرغُ على يده اليُمنى مرتين أو ثلاثًا، ثم يُدخل يدَه اليُمنى في الإناء فيصبّ بها على فرجه، ويدُه اليُسرى على فرجه فيغسلُ ما هنالك حتى يُنقيه، ثم يضع يده اليُسرى على التراب إن شاء، ثم يصبّ على يده اليُسرى حتَّى ينقيها، ثم يغسل يديه ثلاثًا، ويستنشقُ ويُمضمض ويغسل وجهه وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، حتَّى إذا بلغ رأسَه لم يمسح، وأفرغ عليه الماء. فهكذا كان غُسلُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر.