وبقية رجاله ثقات. قال الحافظ في "فتح الباري" (١/ ٣٢٨): هو حديث صحيح، صحَّحه الدَّارقطنيّ وغيره".
وقال أبو داود: "قال منصور، عن أبي وائل، عن أبي موسى في هذا الحديث قال: "جلْدَ أحدهم"، وقال عاصم، عن أبي وائل، عن أبي موسى، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "جسد أحدهم". يقصد اختلاف الألفاظ.
والدَّرَقة - بفتح الدال والراء المهملتين والقاف - الجحفة، والمراد بها: الترس إذا كان من جلود وليس فيها خشب وعصب.
وقوله: "فقلنا انظروا إليه"، في رواية النسائيّ وابن ماجة: "فقال بعض القوم"، وهذا هو الظاهر؛ فقوله: "قلنا" حكاية عن قولهم؛ لأنَّ قائل هذا لا يكون مسلمًا؛ لما فيه من سوء الأدب مع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وعلى الفرض أنَّ قائله مسلم فيحمل على التعجب من هذا الفعل؛ لأنه كان خلافًا لعادة العرب.
وقوله: "يبول كما تبول المرأة" فيه تشبه في الستر أو الجلوس، وقد فهم منه السترَ النسائيّ؛ فبوَّب بقوله: "البول إلى السترة يستر بها"، وبوَّب أبو داود بقوله: "الاستبراء من البول"، وبوَّب ابن ماجة بقوله: "باب التشديد في البول"، ولم يبوَّب أحد من هؤلاء: (البول قائمًا)، وهو أقرب إلى التشبيه، وقد نقل بعض أهل العلم أنَّ العرب كانوا يرون البول قائمًا من الشهامة من الرجال دون النساء، وأمّا كشفُ العورة فلم يكن مُتفشِّيًا فيهم، وإن كانوا غير مبالين به.
وقوله: "إذا أصابهم البولُ قطعوا ما أصابه البولُ" أي: الثياب؛ فالروايات الصحيحة هي بذكر الثوب، وما جاء في بعض الروايات بذكر الجلد أو الجسد فيحمل على حذف المضاف، يعني: ثوب جسدهم أو جلدهم؛ لأنَّ الحمل على الظاهر - وهو الجلد أو الجسد - يؤدي إلى قطع كل أجسادهم لتكرار الوقوع، والله لم يكلف أحدًا من عباده - في أي زمن أو مكان - ما لا يطيقون.
• عن يعلى بن أمية أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يغتسل بالبَراز بلا إزار، فَصَعِدَ المنبرَ، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّير يُحبّ الحياءَ والسِّتْرَ؛ فإذا اغتسل أحدكم فليستتر".
حسن: رواه أبو داود (٤٠١٢) والنسائي (٤٠٦) كلاهما عن عبد الله بن محمد بن عليّ بن نُفَيل، قال: ثنا زهير، عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزميّ، عن عطاء، عن يعلى، فذكر الحديث.
وعطاء هو: ابن أبي رباح، لم يسمع من يعلى بن أمية.
ثم أخرج أبو داود (٤٠١٣)، والنسائي (٤٠٧)، وأحمد (١٧٩٧٠) كلّهم من طريق أبي بكر بن عَيَّاش، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه نحوه.
وهذا الإسناد متصل غير أنَّ أبا بكر بن عياش مختلف في توثيقه؛ فوثَّقه أحمد والعجلي. وقال