أمرها أن تُخرجها من المسجد؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان معتكفا، وكانت عائشة في حُجرتها وهي حائض؛ لقوله:"إن حيضَتك ليست في يدكِ"، فإنما خافت من إدخال يدها المسجد. ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن لتخصيص اليد معنى. انتهى. قاله القاضي عياض.
• عن أبي هريرة قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد فقال:"يا عائشة! نَاوِلِيني الثوبَ". فقالت: إنِّي حائض، فقال:"إن حَيضَتكَ ليست في يدك". فناولته.
صحيح: رواه مسلم في الحيض (٢٩٩) من طريق يحيى بن سعيد، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة .. فذكر الحديث.
قوله:"إن حيضتك" - بفتح الحاء كما قال المحدثون، قال الخطابي: الصواب بالكسر، أي: الهيئة والحالة، وصوَّب القاضي عياض ما قاله المحدثون بخلاف حديث أم سلمة "فأخذتُ ثيابَ حِيضتي"؛ فإنَّ الصواب فيه الكسر. انتهى.
وفي الباب عن عائشة قالت: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووجوه بيوت أصحابه شارعةٌ في المسجد فقال:"وجِّهُوا هذه البيوتَ عن المسجد"، ثم دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يصنع القوم شيئًا؛ رجاء أن تنزل فيهم رخصة، فخرج إليهم بعدُ فقال:"وَجِّهُوا هذه البيوتَ عن المسجد؛ فإني لا أحِلُّ المسجدَ الحائض ولا جنب".
رواه أبو داود (٢٣٢) قال: حدَّثنا مسدد، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا أفلت بن خليفة، قال: حدثتني جسرة بنت دجاجة، قالت: سمعت عائشة، فذكرت الحديث. وصححه ابن خزيمة (١٣٢٧).
وقال الخطابي: وقد ضعَّفوا هذا الحديث، وقالوا: إن (أفلت) راويه مجهول، لا يصح الاحتجاج بحديثه".
قلت: كذا قال في أفلت، وقد قال فيه الإمام أحمد: ما أرى به بأسًا.
وقال أبو حاتم: شيخ، وقال الدارقطني: صالح. ولذا جعله الحافظ في مرتبة "صدوق". ولكن شيخته جسرة بنت دجاجة لم أجد من يعتمد على توثيقه غير العجلي وابن حبان. ولذا قال فيها الحافظ: "مقبولة" أي عند المتابعة، ولم أجد لها متابعة فهي لينة الحديث. قال البخاريّ: "عندها عجائب"، وقال البيهقي في "المعرفة": "إنّ هذا الحديث ليس بالقوي"، وقال في السنن (٢/ ٤٤٣): "إن صح فمحمول في الجنب على المكث فيه دون العبور بدليل الكتاب".
وكذلك حديث أم سلمة: "إن المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض" رواه ابن ماجه (٦٤٥) قال: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن يحيى، قالا: حدَّثنا أبو نعيم، ثنا ابن أبي غَنِيَّة، عن أبي الخطاب الهجري، عن محدوج الذُّهلي، عن جسرة قالت: أخبرتني أمُّ سلمة قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرْحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته، فذكرت الحديث. وفيه علتان: