للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأعله البيهقي بالانقطاع بعد أن روى الحديث من جهة الشافعي عن مالك: "لفظ حديث الشافعي هذا حديث مشهور، أودعه مالك بن أنس في الموطأ، وأخرجه أبو داود في كتاب السنن، إلَّا أن سليمان بن يسار لم يسمعه من أم سلمة". انتهى. "السنن الكبرى" (١/ ٣٣٣).

قلت: سليمان بن يسار ولد سنة ٣٤، وماتت أمُّ سلمة سنة ٦٤، وكان مُكاتبًا لها؛ فلا يبعد سماعه منها، وقد رَوَي عن ميمونة وعائشة وفاطمة بنت قيس وزيد بن ثابت وغيرهم من الصحابة، وكان أحد الفقهاء السبعة، وقد اعتمد روايته مالك في الموطأ، عن نافع، وكذلك رواه أيوب السخيتاني عن سليمان بن يسار كما رواه مالك عن نافع سواء.

وكون الليث بن سعد وصخر بن جويرية وعبيد الله بن عمر أدخلوا بين سليمان بن يسار وبين أم سلمة رجلًا، وأحاديث هؤلاء أخرجه أبو داود والبيهقي لا يضرّ ما رواه نافع وأيوب؛ لما في إسناد هؤلاء من اضطراب، كما أنه من المحتمل أنه سمع منها أوَّلًا بالواسطة، ثم سمع منها مباشرة؛ فروى على وجهين، وهو أمر سائغ في رواية الحديث، واعتماد الشافعي وأبي داود يُقوي هذا الجانب.

وفي حديث أيوب السختياني: إن المرأة التي استفتت لها أم سلمة عن استحاضها هي فاطمة بنت أبي حُبَيش المذكورة في حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، على ما رواه مالك وغيره.

وحديث أيوب رواه أبو داود (٢٧٨) من طريق وُهَيب، والحميدي في مسنده (١/ ١٤٤ رقم ٣٠٢) قال: حدَّثنا سفيان، كلاهما عن أيوب السختياني، عن سليمان بن يسار، أنه سمعه يحدّث عن أم سلمة قالت: كانت فاطمة بنت أبي حُبَيش تستحاض، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنه ليس بالحيضة، ولكنه عِرق" وأمرها أن تدع الصلاة قدر أَقرائها، أو قدر حيضتها، ثم تغتسل؛ فإن غلبها الدمُ استنفرت بثوب وصلَّت، لفظ الحميدي. ورواه ابن عبد البر من طريق محمد بن إسماعيل بن يوسف، عن الحميدي. "الاستذكار" (٣/ ٢٣٥).

والاستثفار: أن يَشُدَّ ثوبًا تحتجز به، يُمسك موضع الدم ليمنع السيلان، وهو مأخوذ من الثفر.

• عن عائشة قالت: استفتت أمُّ حبيبة بنت جحش - ختنةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إنِّي أستحاض، فقال: "إنَّما ذلك عِرْق، فاغتسلي ثم صَلّي". فكانت تَغتَسِلُ عند كلِّ صلاةٍ.

قال الليث بن سعد: لم يذكر ابن شهاب الزهري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أمَّ حبيبةَ بنت جحش أن تغتسل عند كل صلاة، ولكنه شيءٌ فعلته هي.

وفي رواية: أُستحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق؛ فاغتسلي وصلِّي".

قالت عائشة: فكانت تغتسل في مِركن في حجرة أختها زينب بنت جحش حتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>