مروان بن الحارث بن أبي ذُباب قال: أخبرني أبو عبد الله سالم سَبَلان قال: وكانت عائشة تستعجبُ بأمانته وتستأجره، فأرتني كيف كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، فمضمضتْ واستنثرتْ ثلاثًا، وغسلتْ وجْهَها ثلاثًا، ثم غسلَتْ يدها اليمنى ثلاثًا، واليُسرى ثلاثًا، ووضعتْ يدها في مقَّدمة رأسها ثم مسحتْ رأسها مسحةٌ واحدةٌ إلى مؤخره، ثم أمرّتْ يديها بأذُيَها ثم أمرَّت على الخدين.
قال سالم: كنت آتيها مكاتبًا ما تختفي منِّي، فتجلسُ بين يديَّ وتتحدثُ معي، حتَّى جئتُها ذات يوم فقلت: ادعي لي بالبركة يا أم المؤمنين. قالت: وما ذاك؟ قلت: أعتقني اللهُ. قالت: بارك الله لك، وأرختِ الحجابَ دوني فلم أرها بعد ذلك اليوم.
ورجاله ثقات غير عبد الملك بن مروان بن الحارث فهو "مقبول" لأنه لم يوثقه غير ابن حبان. فهذا التفصيل لعله يعود إلى الإجمال الذي ذكره ميمون بن مهران عن عائشة.
وقوله:"مسحت رأسها مسحة واحدة إلى مؤخّره" هذه لفظة مجملة تطلق على من مسح من المقدّم إلى المؤخّر، ومن المؤخّر إلى المقدّم، ويطلق عليها أيضًا مرة واحدة - كما في الأحاديث السابقة -.
وقوله:"كنتُ آتيها مكاتبًا" هذا مبني على أن المكاتب عبدٌ ما بقي عليه درهم، ولعل ذلك من مذهبها. والله أعلم.
• عن أبي جبير الكندي أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَوضُوءٍ وقال:"توضأ يا أبا جبير! " فبدأ بفيه، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبدأ بفيك، فإنَّ الكافر يبدأ بفيه" ثم دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَوضوءٍ، فغسل يَديه حتَّى أنقاهُما، ثم تمضمض واستنثر، ثم غسل وجْهَه ثلاثًا، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا، ثم غسل يده اليُسرى إلى المرفق ثلاثًا، ثم مسح برأسه وغسل رجليه.
حسن: رواه ابن حبان (١٠٨٩) قال: أخبرنا ابن قتيبة، قال: حدَّثنا حرملة بن يحيى، قال: حدَّثنا ابن وهب، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه أن أبا جبير فذكر الحديث.
ورواه البيهقي (١/ ٤٦) من طريق الليث بن سعد، عن معاوية به صالح به مثله.
وإسناده حسن لأجل معاوية بن صالح وهو: ابن حُدير - بالمهلمة، مصغرًا - الحضرمي من رجال مسلم. إلّا أنه تُكلِّم فيه من ناحية حفظه غير أنه حسن الحديث.
وأما مسح الرقبة والعنق فلم يثبت فيه شيء، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على عنقه في الوضوء، بل ولا روي عنه ذلك في حديث صحيح، بل الأحاديث الصحيحة التي فيها صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يمسح على عنقه؛ ولهذا لم يستحب ذلك جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد في ظاهر مذهبهم، ومن استحبه فاعتمد