فيه على أثر يُروي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أو حديث يضعف نقله: أنه مسح رأسه حتى بلغ القذال، ومثل ذلك لا يصلح عمدة، ولا يعارض ما دلت عليه الأحاديث، ومن ترك مسح العنق فوضوؤه صحيح باتفاق العلماء، والله أعلم" مجموع الفتاوى (٢١/ ١٢٧ - ١٢٨).
وحديث القذال هو ما رواه الإمام أحمد (١٥٩٥١) وأبو داود (١٣٢) والبيهقي (١/ ٦٠) كلهم عن ليث، عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه مرة واحدة، حتى بلغ القذال، وهو أول القفا.
قال أبو داود: قال مسدد: مسح رأسه من مقدمه إلى مؤخره، حتى أخرج يديه من تحت أذنيه، هذا لفظ أبي داود.
ولفظ أحمد: أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح رأسه حتى بلغ القذال، وما يليه من مقدم العنق يمرة، قال: القذال: السالفة العنق.
قال أبو داود: قال مسدد: فحدثت به يحيى فأنكره.
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إن ابن عيينة زعموا أنه كان ينكره، ويقول: إيش هذا؟ يعني: طلحة عن أبيه عن جده. انتهى.
وفيه ليث وهو ابن أبي سليم سيء الحفظ؛ لأنه اختلط أخيرا ولم يتميز حديثه، فترك، ولذا ضعفه جمهور أهل العلم، فقال أحمد: مضطرب الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وقال أبو زرعة: لين الحديث، لا تقوم به الحجة عند أهل العلم بالحديث. وفيه مصرف أبو طلحة اليامي، لم يرو عنه إلا ابنه، ولم يوثقه أحد فهو "مجهول". وأما جد طلحة فاختلف في صحبته.
قال علي بن عبد الله المديني: قلت لسفيان: إن ليثًا روى عن طلحة بن مصرف عن أبيه، عن جده، أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ؛ فأنكر ذلك سفيان يعني ابن عيينة، وعجب أن يكون جد طلحة لقي النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال علي: وسألت عبد الرحمن يعني ابن مهدي عن نسب جد طلحة فقال: عمرو بن كعب أو كعب بن عمرو وكانت له صحبة، وقال غيره: عمرو بن كعب لم يشك فيه.
عن عباس بن محمد الدوري قال: قلت ليحيى بن معين: طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده، رأي جده النبي صلى الله عليه وسلم فقال يحيى: المحدثون يقولون: قد رآه وأهل بيت طلحة يقولون: ليست له صحبة.
ذكر هذا كله البيهقي في سننه (١/ ٥٠) وذهب غيرهم إلى أن عمرو بن كعب أو كعب بن عمرو كانت له صحبة.
وبهذا يعرف أن هذا الحديث ضعيف، وقد ضعفه النووي في المجموع (١/ ٣٦٠) وكذلك الحافظ ابن حجر في التلخيص (١/ ٤٣٣) وغيرهم.
وقال النووي أيضا: (١/ ٤٦٤ - ٤٦٥): "وأما الحديث المروي عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده، ... فهو ضعيف بالاتفاق".