عبد الله الجدلي حديث المسح. انتهى
والثالثة: ذكر ابن حزم أن أبا عبد الله الجدلي لا يعتمد على روايته.
وأجاب عن هذه العلل بالتفصيل الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في الإمام، والحافظ ابن القيم في تهذيب السنن.
وخلاصته: أن ما زاده بعض الرواة في المتن - وهو "لو استزدناه لزادنا"، وفي رواية ابن ماجه: "لجعلها خمسًا" - هذا كله ظن وحسبان، والحجة إنما تقوم بقول صاحب الشريعة لا بظن الراوي، فهذه الزيادة في المتن لا تعكر ما صحّ؛ لأن حديث خزيمة بن ثابت موافقٌ لما رواه غيره من الصحابة.
وأما الانقطاع - كما قال البخاري - فيحمل على مذهبه، وهو ثبوت اللقاء، والجمهور على ثبوت المعاصرة، وهو حاصل.
وأما قول ابن حزم فمردود؛ فإنَّ أبا عبد الله الجدلي وثقه الأئمة منهم أحمد ويحيى، وقد سبق أن صحّح الحديث ابن معين والترمذي.
وكون إبراهيم النخعي روي مرة عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة؛ وأخرى عن أبي عبد الله الجدلي، فإنْ صحَّ ذلك فلعله سمعه من عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي أوَّلًا، ثم تيسر له السماع عن أبي عبد الله الجدلي مباشرةً. فرواه عنه. ولهذا أمثلة كثيرة في كتب الحديث.
• عن أبي بكرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رخص للمسافر - إذا توضأ ولبس خفيه، ثم أحدث وضوءًا - أن يمسح ثلاثةَ أيَّامٍ ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة.
حسن: رواه ابن ماجه (٥٥٦) قال: حدَّثنا محمد بن بشّار وبشر بن هلال الصواف، قالا: حدَّثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد قال: حدَّثنا المهاجر أبو مخلَد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكر الحديث.
ورجاله ثقات غير المهاجر أبي مخلد؛ فليَّنه أبو حاتم. وقال الساجي: صدوق معروف. وهو قريب إلى "صدوق"؛ وقد صحّح الشافعي والخطابي وغيرهما هذا الحديث. انظر: التلخيص (١/ ١٥٧).
وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (١٩٢) وابن حبان (١٣٢٤) كلاهما من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد به، ولفظه: "عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رخَّص للمسافر ثلاثةَ أيَّامٍ ولياليهن، وللمقيم يومًا واحدًا إذا تطهّر فلبس خفَّيه أن يمسح عليهما".
قال الترمذي في علله الكبير: سألت محمدًا - يعني البخاري - أي حديث أصحّ عندك في التوقيت في المسح على الخفين؟ فقال: حديث صفوان بن عسال، وحديث أبي بكرة حديث حسن. انتهى. العلل الكبير (١/ ١٧٥ - ١٧٦).