الخلال، أخبرني محمد بن علي، أنبأنا الأثرم قال: قيل لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل: أليس حديث أبي محذورة بعد حديث عبد الله بن زيد، لأن حديث أبي محذورة بعد فتح مكة؟ فقال: أليس قد رجع النبي إلى المدينة فأقر بلالًا على أذان عبد الله بن زيد؟ وبالإسناد قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد، قال: ناظرت أبا عبد الله في أذان أبي محذورة، فقال: نعم، قد كان أبو محذورة يؤذن، ويثبت تثنية أذان أبي محذورة، ولكن أذان بلال هو آخر الأذان. انتهى.
انظر "نصب الراية" (١/ ٢٧٣).
وأما ما رواه أبو داود وابن ماجه من طريق همام بن يحيى، عن عامر الأحول، عن مكحول، عن عبد الله بن محيريز، عن أبي محذورة قال: علَّمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة فقد سبق ذكره وتضعيفه في باب الترجيع في الأذان.
هذه من أصح ما ورد في تثنية الإقامة، وقد رأيت ما فيه من ضعف، فما بال دون هذه فإنها كلها معلولة من انقطاع وإرسال ووقف، انظر في ذلك ما ذكره الزيلعي في نصب الراية (١/ ٢٧٠)، والحافظ في الدراية (١/ ١١٠).
وأما ما رُوي مرفوعًا: "من أذَّن فهو يقيم" فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٥١٤)، والترمذي (١٩٩)، وابن ماجه (٧١٧) كلهم من طريق عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، عن زياد بن نُعيم، عن زياد بن الحارث الصدائي قال: كنت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في سفر فأمرني فأذَّنتُ، فأراد بلال أن يقيم فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "إن أخا صداء قد أَذَّن، ومن أذَّن فهو يُقيم".
وعبد الرحمن بن زياد ضعيف عند أهل العلم. انظر: "المنة الكبرى" (١/ ٣٨٣).
قال الترمذي: حديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي، والإفريقي هو ضعيف عند أهل الحديث، ضعَّفه يحيى بن سعيد القطان وغيره، قال أحمد: لا أكتب حديث الإفريقي، قال: ورأيت محمد بن إسماعيل يُقَوِّي أمره ويقول: هو يقارب الحديث. انتهى.
وقال البيهقي في "السنن الكبري" (١/ ٣٩٩) وله شاهد من حديث ابن عمر في إسناده ضعف، ثم روي من طريق سعيد بن راشد المازني، ثنا عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان في مسير له، فحضرت الصلاة فنزل القومُ، فطلبوا بلالًا فلم يجدوه، فقام رجل فأذَّن، ثم جاء بلال، فقال القوم: إن رجلًا قد أذَّن، فمكث القومُ هونًا، ثم إن بلالًا أراد أن يقيم، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: مهلًا! يا بلال! فإنما يُقيم من أذّن".
قال البيهقي: تفرد به سعيد بن راشد وهو ضعيف. انتهى.
قلت: ثم يعارض هذا ما رواه أبو داود (٥١٢) وأحمد (٤/ ٤٢) والبيهقي (١/ ٣٩٩) من طريق محمد بن عمرو الواقفي، عن محمد بن عبد الله الأنصاري، عن عمه عبد الله بن زيد أنه رأى الأذان في المنام، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فأذَّن بلال، قال: وجاء عمي إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا